نعيم الدفء

لم يشفع تأخير قدوم “الشتوية” في تمكين أسر عديدة من تأمين احتياجاتها من “الدفء” ومنع البرد من التسلل إلى بيوتها وأجساد أطفالها “الغضة”، فالقروش القليلة جعلت شتاءها أكثر شدة من العام الفائت بعد استعار موجة الغلاء وتأخر وصول دفعات المازوت المخصصة – التي لا يمتلك كثيرون ثمنها – ويزيد الطين بلة حال الكهرباء “الضيف”، ما يجعل الدفء حلماً بينما يغرد الرسميين في غير اتجاه كلياً.

دائماً يعيش المواطنون الحالة ذاتها في كل موسم شتوي من دون مقدرة على استقاء الدروس لمنع تكرار الأزمات نفسها على نحو يفاقم المعاناة المعيشية ويزيد الطقس صقيعاً، ما يطرح تساؤلات محقة حول العجز عن معالجة مشكلات بالمقدور تلافيها بكل بساطة عند توافر الإرادة والخطط المدروسة بدل انتظار بدء فصل الشتاء للشروع بتأمين مستلزمات التدفئة للمواطنين المنكوبين في أرزاقهم، وحتماً لا يتحملون السقم في أبدانهم كون المرض يعد مصيبة المصائب نتيجة أسعار الدواء الخيالية، الأمر الذي يحتاج استنفاراً فعلياً مدعوماً بآليات عمل دقيقة بعيداً عن الفاسدين وتجار الأزمات وليس مجرد تصريحات ووعود في الهواء بغية التعجيل بإيصال مازوت التدفئة إلى كل بيت قبل اشتداد موجات البرد، وليس بعد انتهاء أيامه القارسة كالعادة، من دون مساءلة المقصرين على هذا الخلل الكبير الذي يدفع ضريبته الفقراء في أموالهم وصحتهم بينما ينعم أهل المناصب والمال في نعيم الدفء وبركته.

شتاء هذا العام لن يكون مريحاً كما أعلن عدد من كبار المسؤولين المكلفين بمعالجة ملف خدمات الشتاء ومستلزمات دفئه، وهنا تبدو الصراحة والشفافية نافعة وخاصة أن المواطن يدرك حجم الكارثة الاقتصادية وتداعياتها، لكن الأنفع مبادرة كل مسؤول إلى تحمل مسؤولياته والتعاون معاً لتأمين احتياجاته من دون شنططة ومكافأته على عظيم صبره عبر العمل على مرور فصل الشتاء بلا منغصات وبرد أقل، وهذا أضعف الإيمان، فالدفء المأمول لن يكون من نصيب الفقراء في هذه “الشتوية” أيضاً كما يقرأ من عنوان المكتوب، الذي يفصح على ما يبدو بمزيد من التحمل والصبر على الشدائد لحين تحقيق الفرج المنتظر.

rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار