وسط دهشة مواطنٍ وفلاحٍ منكوبين في أرزاقهما، دخل فجأة “الليمون الحامض” بورصة الأسعار “الهاي كلاس”، حيث حلّق إلى مستويات غير مسبوقة لم يحلم مزارعه أن يسمع بها يوماً وإن كان خارج نطاق الاستفادة المشروعة من محصوله المأزوم، بعد وصوله إلى عتبة 1800 ليرة بقدرة “تاجر” اقتنص الحاجة الماسة لهذه السلعة في مواجهة داء كورونا لزيادة مكاسبه من دون مقدرة على ردعه أو الأقل عكس بعض الربح لصالح فلاحيي الحمضيات الذين يتعرضون كل عام لخسائر كبيرة مطعمة بنكهة وعود وتصريحات غير قابلة للتنفيذ.
“نجومية” موسم الحمضيات المتكررة سنوياً لم تسعف المعنيين على إيجاد حلول لملف يصنف ضمن الملفات الأكثر وتعقيداً رغم المقدرة على فك شيفرته إن وجدت النية والإرادة الفعلية لإنصاف فلاحيه بدل ترك التجار وسماسرة السوق يخطفون ثمرة تعبهم على “البارد المستريح” من خلال تلاعبهم وتحكمهم بالأسعار على نحو مكنهم من الظفر بـ”الهبشة” الكبيرة.، بينما يكون نصيب المزارع قروشاً قليلة لا تكفيه لاسترداد ثمن تكاليف محصوله، وهنا نتساءل لماذا لا يحق لفلاح الحمضيات بيع محصوله بأسعار مقبولة تقيه شر الخسارة في حين يستطيع التاجر بكل بساطة رفع الأسعار على مزاجه، وأين الجهات المعنية من تصحيح هذه المعادلة المقلوبة وموازنتها عبر عكس الفائدة على مزارعي الحمضيات بصورة دائمة طالما كشفت لعبة التجار إمكانية إنجاز ذلك مع مراعاة ظروف المواطن عبر بيعه هذه المنتجات بأسعار منطقية.
تصدُّر “الليمون” مشهد السلع الأكثر غلاءً وتنعُّم التجار بخير الفلاح يفتح الباب عريضاً أمام مساءلة المعنيين عن سوء إدارة ملف الحمضيات والتوجه نحو إنهائه بحلول معقولة ودعم فعلي أسوة بمحاصيل وصناعات عديدة أوجدت الآلية المناسبة لاستثمار بركاتها، فهل سنشهد تحولاً إيجابياً بأسلوب المعالجة عبر استثمار ذكي لمنتجات الحمضيات تصنيعاً وتصديراً يعود بالنفع على الخزينة والفلاحين أم إن التجار سيكسبون كالعادة ويشفطون طعم الليمون الحامض ليغدو مراً علقماً.