السلوك المهذّب وتأثيره المجتمعي
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
ما إن تذكر كلمة السلوك العصري المهذب حتى يتبادر إلى الذهن بسرعة الأسلوب الجمالي لـ«الإتيكيت» الحديث، وطريقة الجلوس والمشي وكيفية تناول الطعام، لكن السلوك العصري لا يتعلق كثيراً بـ«الإتيكيت» بقدر تعلقه بطريقة التعامل الرقيقة مع الآخرين.. فهناك أمور صغيرة تنم عن شيء من الذوق والأدب في التعامل ربما نكون في غفلة عنها في تعاملنا اليومي، مع كل المحيطين بنا، في البيت والمدرسة والعمل والشارع، غير آبهين بوقعها الكبير في نفوسهم ونفوسنا على حدّ سواء، فإلى جانب الصداقة مثلاً هناك الكثير مما يجب آخذه في الحسبان، لكي تصبح هذه العلاقة صداقة حقّة وليست عبئاً على الطرفين، فالصداقة قد تدعمها بعض الأمور الصغيرة التي قد يظن الصديق أنها تافهة ولا تخدمه في شيء، فرغم أن الصديق هو الشخص الوحيد الذي يحقّ له أن ينتقد طريقة لبسك أو مظهرك ونقاط ضعفك، إلا أنه ليس من حقه تماماً أن يتكلم عن تلك العيوب أو الضعف أو يناقشها مع الآخرين من وراء ظهرك، فهذا السلوك بعيد تماماً عن سلوك الصديق الحقيقي.
وهناك الكثير من «البارانويا» أو الشعور بالارتياب تجاه الآخرين قد يصيبنا أحياناً، وخاصة في أماكن عملنا، ومن الأفضل هنا أن نقمع هذا الشعور لكي لا نجرّ على أنفسنا متاعب وتعاسة لا تنتهي.
أما البيت، تلك البقعة الحبيبة من الأرض التي قد تطوي تحت جناحها العديد من الأشخاص المختلفين، فهناك الكثير من الأمور التي يجب الانتباه إليها لكي يستمر العيش الهادئ المريح فيها، ومن السلوك المهذب لأفراد الأسرة، التسامح لكي تتواصل العلاقة الأسرية العائلية بين الجميع.
لقد وُجد السلوك المهذب والمتحضّر ليضع حداً للأنانية، ويجعلنا نقف للحظة ونتأمل تصرفاتنا تجاه الآخرين، ونسأل أنفسنا: هل هذه حقاً هي التصرفات التي نحب نحن أن يتصرّفها الآخرون تجاهنا؟ إذا كان الجواب نعم، فربما نكون قد نجحنا ولو قليلاً في إرضاء ضمائرنا أولاً، لأن إرضاء الجميع غاية لا تُدرك – كما يُقال-.