إغلاق 170 عيادة في سورية.. واقع مرير يكابده طب الأشعة والتصوير الشعاعي
تشرين- لانا الهادي:
أصبح واقع طب الأشعة مريراً للغاية وباتت التحديات تفرض نفسها بشكل أو بآخر حتى أضحى التصوير بالأشعة على مستوى المستشفيات الحكومية والخاصة مشكلة تورّق المرضى الذين يجدون أنفسهم في رحلة بحث مضنية قد تطول لأشهر في انتظار موعد المستشفى فيضطرون في بعض الأحيان إلى دفع مبالغ مالية تفوق استطاعتم ولا تتناسب مع مدخولهم المعيشي.
في سياق المعاناة
تزداد هموم الطبيب الشعاعي في سورية يوماً بعد يوم وتعلو الأصوات لعلها تلقى استجابةً، فكثرة الصعوبات في الآونة الأخيرة التي تواجه عمل الأطباء الشعاعيين، جعلت الحل مستحيلاً، وهذه المعاناة تكمن بأسعار الأجهزة وصيانتها والتكاليف العالية لإصلاحها وغيرها من المعوقات الاقتصادية التي تؤرقهم.
د.علي: الواقع مرير ولابد من الوقوف عنده لعله يلقى صدداً.. فارتفاع أسعار الأجهزة وصيانتها والكلف التشغيلية وكلف الضرائب المفروضة
واقع مرير
لابد من الوقوف عند صعوبات طب الأشعة ومعاناة هذا الاختصاص، حيث ذكر رئيس رابطة الأطباء الشعاعيين في سورية الدكتور ياسر صافي علي في تصريح لتشرين بعضها والتي تتلخص بارتفاع أسعار أجهزة الأشعة وصيانتها والتكاليف العالية لإصلاحها ما يجعل سعر تكلفة الصورة باهظاً، ففي القطاع العام والخاص هناك أجهزة معطلة تواجه صعوبة في إصلاحها بسبب ارتفاع تكلفتها، خاصة أن أجهزة الأشعة تستورد بالعملة الصعبة وتكلفتها كبيرة كونها أيضاً تتعلق بموضوع الكمبيوتر والتقنيات الحديثة، التي تكون في تطور مستمر وكلما تطورت هذه الأجهزة ارتفعت تكلفتها بالإضافة إلى ارتفاع التكلفة التشغيلية للجهاز في حال توفره، بسبب انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر والاعتماد على المولدات لتشغيله، وهذا ما يحمل أعباء إضافية أخرى حتى أغلقت 170 عيادة أشعة في البلد بسبب هذه التحديات التي تواجه عمل الأطباء الشعاعيين..
تحدٍ كبير
إن موضوع الضريبة وكلفها تضع الطبيب الشعاعي دائماً في تحدٍّ كبير -حسب ما ذكره الدكتور علي- و قد تصل نسبتها إلى 30%، فكيف للطبيب أن يدفع الضريبة المفروضة عليه إذا كان لا يسترد تكلفة الصورة؟، عدا عن ذلك فهناك جهاز الطبقي المحوري المتضمن لأنبوب الأشعة معرض للعطل في أي لحظة وتكلفته قد تصل إلى نصف ثمن الجهاز.. والسؤال: إذا لم يستطع الطبيب تحقيق الجدوى الاقتصادية من عمله فكيف سيتمكن من إصلاح الجهاز؟
تضافر الجهود
إن رابطة الأطباء الشعاعيين رأت أن الحل يكمن في تضافر الجهود المعنية وخاصة وزارة الكهرباء إذ ينبغي أن تعمل على تخفيض ساعات التقنين ومن أسعار الكهرباء البديلة، وبالنسبة لوزارة المالية لابد من أن يكون هناك دعم من قبلها بما يضمن استمرارية عمل الأطباء الشعاعيين.
وعن مقترح الرابطة التي قدمته لوزارة الصحة، وهو أن يقوم كل طبيب بجلب جهاز جديد نوعاً ما أي أن يكون مستعملاً لسنوات قليلة وبتكلفة أقل، وفي الوقت نفسه أن يحقق المواصفات السورية المطلوبة، لكن بقي هذا المقترح معلقاً من دون أي جدوى حسب ما ذكره الدكتور علي متحسراً.
د.حمشو: ارتفاع أسعار الأجهزة الطبية وعدم توافر قطع التبديل وارتفاع كلف صيانتها انعكس سلباً على سعر الصورة ما جعل الأطباء واقعين بين نارين نار المريض ونار العمل
الوقوع بين نارين
إن ارتفاع أسعار الأجهزة الطبية وكلف صيانتها وعدم توافر قطع التبديل بالإضافة إلى سعر القطعة الذي يكلف أضعاف الأضعاف وانعكاسه بشكل سلبي على أسعار الصورة، جعل الأطباء واقعين بين نارين “نار المريض و نار العمل وفي هذه الحالة يتم العمل على التخفيض من سعر الصورة من أجل المريض كون إمكانياته محدودة ودخله ضئيل.. هذا ما يجعل الأطباء في خسارة دائمة بسبب عدم تحصيلهم تكلفة الصورة وهذا ما بينه الدكتور تيسير حمشو أثناء الحديث عن معاناتهم كأطباء شعاعيين.
اختلاف المعاملة
أخذت التحديات تفرض نفسها يوماً بعد يوم حتى تمكنت من أن تضع الأطباء في مآزق مؤلمة فالضريبة المفروضة عليهم ينبغي أن تحدد حسب الوضع والمكان لأن المعاملة في منطقة ما على سبيل المثال في “جرمانا”، ينبغي أن تكون مختلفة عن المراكز الطبية بدمشق حسب ما ذكر حمشو، موضحاً ذلك إذ في مركز العاصمة تكلفة الصورة تصل ١٥٠ ألف ليرة، أما في جرمانا فلا يمكن قبض مثل هذا المبلغ لأن وضع الناس لا يسمح به، فلا بد من أن تكون الضريبة مدروسة ومحددة على ضوء الوضع والمكان وتحديد سعر الصورة على ضوء إمكانيات المريض .
د.حمشو: ينبغي أن تحدد الضريبة المفروضة حسب الوضع والمكان وتحديد سعر الصورة حسب الإمكانيات
وحول عدم تأمين المواد الأولية ونقص التمويل والذي بات تحد كبير للأطباء يكمن الحل أيضاً بما رآه حمشو في ضرورة إيجاد مصدر تمويل صريح دائم من الحكومة.
أوضاع المنطقة
لعل ما تشهده المنطقة اليوم من صراعات وويلات وإغلاق المعابر الحدودية يزيد من المعاناة فأصبحت هناك صعوبات كثيرة في عملية الاستيراد، فضلاً عن العقوبات المفروضة على سورية نتيجة الحرب الظالمة التي فرضت عليها كقانون قيصر الجائر والذي فاقم التحديات وهناك صعوبات هائلة في التوريدات ووصولها إلى القطر، فلا يوجد شحن مباشر إلى دمشق لذلك يتم الشحن من دول الجوار فيحمل أعباء إضافية لم تكن في الحسبان خاصة أن “تكاليف التوريدات في دول الجوار أرخص بكثير من تكاليفها في بلدنا”، فضلاً عن تعرض بعض الأجهزة لرضوض و كسور في بعض الأحيان خلال عملية النقل ما ينعكس بشكل سلبي على الصورة في دقتها وجودتها، حسبما ذكره أمين سر رابطة الشعاعيين السوريين وعميد كلية الطب البشري في جامعة تشرين الدكتور فواز بدور ومدير إحدى شركات الأجهزة الطبية المهندس عفيف عبد المجيد.
صعوبات كبيرة في عملية استيراد الأجهزة ومشاكل عمليات النقل وتعرض الأجهزة إلى كسور ورضوض أثناء نقلها
العدالة الضريبية
تحمل الضرائب المفروضة على الأطباء الشعاعيين والتي قد تصل نسبتها إلى 30 % أعباء إضافية فالحكومة ينبغي عليها أن تخفف من أعباء تلك الضرائب وهموم الأطباء بدلاً من زيادتها ومساندتها لهم لإكمال مسيرة عملهم حيث يذكر” أنه في كل دول العالم عندما يتم شراء جهاز أو تحسينه وتطويره يتم خفض الضرائب عليه إلا في سورية فيتم العكس” حسب ما رواه رئيس الجمعية السورية لأمراض الثدي والطبيب الشعاعي الدكتور نوري المدرس مطالباً بضرورة تحقيق العدالة الضريبية وإعفائهم منها.
د.المدرس : الضريبة المفروضة على الأطباء الشعاعيين والتي قد تصل إلى 30 % في بعض الأحيان تضعنا أمام تحدٍ كبير
مطالبٌ ومقترحات
“تشرين” رصدت خلال استماعها لمعاناة الأطباء الشعاعيين مطالبهم والتي تجلت في ضرورة التشاركية بين الوزارت المعنية من خلال تقديم دعم صريح ودائم لهم، بالإضافة إلى إعفاء استيراد الأجهزة الطبية من المنصة، كما تم ذلك مع الأدوية، لأن هذه الأجهزة ليست كمالية بل أساسية خاصة أن أي عملية جراحية تحتاج إلى تصوير أشعة.
يقال إن الجهات المعنية وعدت بحلول مرضية للأطباء الشعاعيين في أول العام القادم، وفي ضوء هذه التحديات هل سيتمكن المعنيون من الوفاء بوعدهم أم سيبقى الوعد قيد الانتظار؟..