عائدون من لبنان إلى درعا في ضيافة الجهات الرسمية والمجتمع الأهلي..المشهد قاتم مالم تتدفق المساعدات من المنظمات الإنسانية

تشرين- عمار الصبح:

يستمر توافد الأسر السورية عبر المعابر الحدودية مع لبنان بفعل العدوان الإسرائيلي الوحشي الذي طال معظم المناطق اللبنانية، وسط تحديات كبيرة باتت تواجه الأسر الوافدة، وأغلبيتها من النساء والأطفال، وما تتطلبه عودة هذه الأسر من إمكانيات مادية ليس من السهل عليها تأمينها، ولاسيما أن أغلبها عادت إلى منازل مدمّرة بفعل الإرهاب، تركتها قبل سنوات وهي بحاجة بطبيعة الحال إلى أعمال ترميم وصيانة ومساعدات عاجلة.
وشهدت محافظة درعا كما العديد من المحافظات، عودة مئات الأسر السورية إلى قراها وبلداتها من لبنان، حيث روى بعضهم ما واجهوه من تحديات كبيرة، فقد تركوا خلفهم أعمالهم وحصيلة سنوات من العمل والغربة، وخرجوا بأشيائهم البسيطة، ليعودوا إلى بيوتهم التي تركوها قبل سنوات.
تتحدث السيدة أم إياد وهي أم لأربعة أطفال عن لحظات من الرعب رافقت رحلة عودتها من منطقة البقاع في لبنان إلى وطنها، تاركة خلفها كل شيء لتعود إلى سورية حفاظاً على حياتها وحياة أطفالها.
وتشير السيدة إلى التسهيلات التي جرى تقديمها من قبل الجهات المعنية للوافدين عبر المعبر خلال عودتها إلى سورية، والمساعدات التي تلقوها مع العائلات السورية الأخرى الوافدة، بدءاً من “الهجرة والجوازات” وصولاً إلى تأمين وتوفير كل متطلبات الأطفال من غذاء ورعاية، وتأمين الخدمات الطبية ووسائط النقل من المعبر باتجاه دمشق.

سوريون وافدون من لبنان: تركنا خلفنا كل شيء طلباً للأمان وعلينا البدء من جديد

الشعور بالأمان بمجرد الوصول إلى أرض الوطن كان حال السوريين العائدين من لبنان، بعد ليالٍ قاسية عاشوها نتيجة العدوان الإسرائيلي الذي طال معظم الأراضي اللبنانية، لتبقى المشكلة الأكبر على حد تأكيدهم، وهي أن أغلب هذه الأسر عادت إلى منازلها التي باتت تتطلب وبعد سنوات من هجرتها إعادة تأهيل، فضلاً عن مستلزمات الحياة المعيشية للبدء من جديد.
وفي هذا السياق، تؤكد إحدى السيدات في حديثها لـ”تشرين” أنها اضطرت مع زوجها وأطفالها، قبل أكثر من تسع سنوات لترك بلدتها في الريف الشمالي من محافظة درعا نتيجة ظروف الحرب على سورية وقتها، والآن عادت إلى منزلها لتبدأ من جديد رحلة تجهيز المنزل وإعادة ترميمه مع ما تتطلبه حياتها الجديدة من مستلزمات أساسية لا قدرة لها على تأمينها، على حد قولها.
وتضيف السيدة: “الإمكانات محدودة فقد تركنا خلفنا في لبنان كل شيء وعدنا بأمتعتنا. بيوتنا التي عدنا إليها بحاجة لكل شيء، حتى بعض البيوت تحتاج إلى إعادة بناء كامل وليس مجرّد أبواب ونوافذ وخزانات للمياه ، فضلاً عن تسجيل الأطفال في المدارس، وهذا كله يحتاج إلى مساعدات عاجلة وفورية وخصوصاً أننا على أبواب الشتاء، وهذا يتطلب الإسراع في تلبية احتياجات العائدين”.
حال السيدة الوافدة لا يختلف عن حال كثير من العائدين السوريين إلى بلداتهم في محافظة درعا، وخصوصاً أن أغلبهم كان يعيش ضائقة مالية صعبة، وترك خلفه كل شيء لينجو بنفسه وبأطفاله من همجية القصف الإسرائيلي.

أغلب العائدين كان يعيش ضائقة مالية صعبة.. وترك خلفه كل شيء لينجو بنفسه وبأطفاله من همجية القصف الإسرائيلي

أحد العائدين أكد أن الجهات الحكومية قدمت ما بوسعها لتأمين عودة الوافدين السوريين، وعملت جاهدة على تأمين متطلبات الحالة الطارئة لعودة آمنة لهم، سواء عبر تأمين مستلزمات أولية لتأمين استقرارهم المبدئي أو من خلال الدعم اللوجستي والطبي لهم عبر المعابر السورية، وذلك رغم ظروف الحصار الاقتصادي على سورية ومحدودية الموارد، مشيراً إلى أن أغلب الأسر السورية العائدة جلّ أفرادها من الأطفال، وهناك أسر ليس لديها منازل، لذلك لابد أن تتحرك المنظمات الدولية المعنية لمد يد المساعدة وتقديم العون ليستطيع الوافدون بدء حياتهم من جديد.
وكانت السلطات المحليّة قد استنفرت في المحافظة لتقديم ما يمكن من عون ومساعدة للأسر ” المفلسة” العائدة التي لم تحمل معها أي إمكانات مادية يمكن أن تساعدها على الاستقرار، إلّا أن الإمكانات محدودة بالنسبة لحكومة أنهكتها الحرب والحصار ومحاولات تضييق الخناق بقرارات جائرة.
ومن جانبها لجنة الإغاثة الفرعية في درعا عقدت مؤخراً اجتماعاً موسعاً بهدف متابعة أمور العائلات السورية العائدة من لبنان إلى محافظة درعا، من جرّاء العدوان الإسرائيلي على لبنان وتقديم كامل التسهيلات اللازمة لهم.
وأعلن رئيس فرع الهلال الأحمر في درعا الدكتور أحمد المسالمة افتتاح خمسة مراكز استجابة تابعة للهلال الأحمر فرع درعا، ليتم تسجيل العائلات العائدة للمحافظة وهي موزعة على مناطق عدة هي: (درعا المدينة، الصنمين، خربة غزالة، نامر، نوى).
إلا أن كل هذه الإجراءات تبقى مؤقتة إسعافية وغير مستدامة، واستدراك وضع هذه الأسر يتطلب وفقاً لمسؤولين محليين و ممثلي المجتمع الأهلي في المحافظة، تتطلب دعماً سريعاً من قبل المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي، لإعادة بناء ما أمكن من المناطق المدمّرة التي يعود إليها أهلها، بعد أن شردهم الإرهاب والحرب القذرة على سورية.
• كل هذه الإجراءات تبقى مؤقتة إسعافية وغير مستدامة، واستدراك وضع هذه الأسر يتطلب -وفقاً لمسؤولين محليين وممثلي المجتمع الأهلي في المحافظة- دعماً سريعاً من قبل المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار