تشرين لنا

لكل تشرين حكاية، ولكل تشرين تضحيات جسام لتعبيد طريق النصر والتحرير، ولكل تشرين ‏موعد مع مواجهة كيان الاحتلال الإسرائيلي وأذنابه وأتباعه.
وفي كل تشرين يتجدد فينا الأمل ‏والعزيمة والإصرار والثبات والإيمان بالضوء الذي ينتظرنا في نهاية الطريق.
وإذا كان تشرين التحرير عام ١٩٧٣ الركيزة والمنطلق للثقة بالنصر على العدو، فإن لتشرين ‏طوفان الأقصى ٢٠٢٣ وتشرين ٢٠٢٤ حيث العين على جنوب لبنان وما يسطره المقاومون ‏من بطولات ركائز وأسس جديدة لنصرٍ آتٍ وقلب لمعادلات أمريكية- إسرائيلية تُصاغ لشرق ‏أوسط أكثر حداثة مما عُمل عليه خلال العقود الماضية، ولاسيما مع اتساع وامتداد جغرافيا ‏المواجهة وتداخلها إقليمياً ودولياً.‏
من غزة إلى لبنان وسورية إلى العراق واليمن وإيران تتشكل قواعد جديدة للصراع مع كيان ‏الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية، ومن نافل القول إن المعركة اليوم معركة أمريكا بذراع ‏إسرائيلية تمتد وتتسع، من هنا ومن البدهي أن تتبدل قواعد ووسائل المواجهة مع تبدل ‏المعطيات.‏
في كل محطة من محطات الصراع مع العدو كان هناك قواعد للاشتباك والمواجهة سادت ‏على ماهي عليه إلى فترة قريبة من الزمن، لكن مع اختلاف وجه المعركة اليوم ومفاهيمها ‏لدى جميع الأطراف المعادية والحليفة لمحور المقاومة والمواجهة، ورغم وحدة الهدف لدى كل ‏طرف في مواجهة الطرف الآخر، بمعنى، المقاومة طريق للتحرر في مواجهة الاحتلال ‏والإحلال والاستعمار، رغم ذلك كان من الطبيعي أن تتغير قواعد الاشتباك تبعاً للظروف ‏وتتحول بعيداً عن الثبات الذي اعتدنا عليه في الحروب التقليدية، ولاسيما أن حروب اليوم ‏متشعبة ومتعددة المستويات والأطراف. أكثر تقدماً وتطوراً، وأكثر إجراماً ودموية من قبل ‏العدو، وأكثر مقاومة وثباتاً وتصميماً كما قبل وأكثر، ولا نغالي إن قلنا إن ما نشهده قد يكون ‏آخر الحروب والمعارك في طريق إرساء عالم جديد بقواعد جديدة، بدأت ملامح بلورته منذ ‏انطلاقة طوفان الأقصى وما شهدناه على مدار عام وصولاً إلى جنوب لبنان، والتجاذبات ‏القائمة بين الحرب والتسويات النازفة إن صح القول.
وباعتبار أنها آخر الحروب فهي آخر الفرص للتحول للعالم القادم أيّما يكن شكله ‏وتموضعاته.. من هنا يستميت الكيان في إجرامه خوفاً جدياً وجودياً خوفاً من الزوال أو أن ‏يكون في العالم الجديد مقطوع اليدين بناء على تبدل الدور الأمريكي كأحد الأقطاب وليس ‏القطب الواحد، ومن هنا نحن ثابتون ومتمسكون بنهج المقاومة كطريق لابد منه للوصول إلى ‏هدف التحرير.‏
في كل مرة يكون تشرين إحدى المحطات المفصلية في سياق الصراع مع العدو بكل أذرعه، ‏ولكن إلى أي مدى يمكن للعدو أن يتلقى هزائم تشرين بما يشكله من ثقل في ذاكرة العدو وما ‏تعرض له من هزيمة في تشرين التحرير ١٩٧٣؟ ‏
‏من الطبيعي أن نتعرض لعثرات وبعض الانكسارات في سياق المعركة مع العدو، ومن ‏الطبيعي أن يحقق بعض “الإنجازات” بمفهومه الضيّق، لكن ذلك لا يعني أن تشرين هذه المرة ‏لن يكون لنا بل فرصتنا ليكون تشرين التحرير الثاني أو الثالث، بمساندة وتعاون جميع القوى ‏والجبهات التي تقارع الكيان من أي انتماء كانت، إذ ثبت أن المواجهة مع الكيان ليست بحاجة ‏لأن تكون عربياً عروبياً وقومياً فقط، بل أن تكون صاحب إيمان عميق بالقضايا العادلة ‏والمحقة.‏
إذا كان في سجل العدو عدد لا يُحصى من الجرائم والمجازر، ففي سجلنا عدد لا يُحصى من ‏الانتصارات التراكمية، وإن كانت غير ناجزة لكن استمرار الاحتلال في اعتداءاته على ‏مساحة الإقليم الواسعة يعني بلا شك محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتأخير هزيمته النهائية ‏وانتصارنا النهائي والجماعي لكل من انخرط في مواجهة العدو.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار