جاء في مقال نشره موقع ” غلوبال ريسيرش”: بعد أن أعلن عن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في بداية الشهر القادم، والذي من المفترض أن يكتمل بحلول الحادي عشر من شهر أيلول، وفقاً لقرار الرئيس الأمريكي جو بايدن. فإنه من الضروري أولاً وقبل كل شيء مراعاة نتائج هذه الحرب التي استمرت لمدة عشرين عاماً, لمعرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة تنوي حقاً إنهاء هذه الحرب أم لا؟
وكان من نتائج الحرب, كما ورد في المقال, خسائر غير قابلة للقياس في الأرواح البشرية: فقد بلغت الوفيات المباشرة بين صفوف الجيش الأمريكي حوالي 2500، والجنود المصابين بجروح خطيرة أكثر من 20000, و ما يقارب الـ40000 قتيل من المتعاقدين أو ما يسمون بالمرتزقة الأمريكيين إضافة إلى عدد غير معروف من الجرحى.
أما بالنسبة للجيش الأفغاني فقد بلغت الخسائر في صفوفه حوالي 6000 ناهيك عن أعداد لا تُحصى من الوفيات المدنيين.
وفقاً للأمم المتحدة، كان من الممكن أن يصل عددهم إلى حوالي 100000 في غضون عشر سنوات فقط لذلك فإنه من المستحيل تحديد الوفيات غير المباشرة الناجمة عن الفقر والمرض، وعن العواقب الاجتماعية والاقتصادية للحرب.
وتابع المقال: أما بالنسبة للخسائر الاقتصادية, فقد أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 2000 مليار دولار، بالإضافة إلى أكثر من 500 مليار للمساعدة الطبية لقدامى المحاربين و1500 مليار دولار على العمليات الحربية.
ومن جهة أخرى فقد كلف تدريب وتسليح قوات الحكومة الأفغانية (أكثر من 300 ألف رجل) 87 مليار دولار. إذ كان من المفترض إنفاق 54 مليار دولار منها على ما سموه بـ”المساعدات الاقتصادية وإعادة الإعمار”، والتي أهدرت إلى حد كبير بسبب الفساد وعدم الكفاءة، من أجل “بناء مستشفيات لم تعالج المرضى ومدارس لم تقم بتعليم أي طالب، وفي بعض الأحيان لم تكن موجودة”. إضافة إلى إنفاق 10 مليارات دولار على مكافحة المخدرات وانتهى الأمر بهم بمضاعفة مساحة زراعة الأفيون أربع مرات، لدرجة أنها أصبحت النشاط الاقتصادي الرئيسي في أفغانستان، وتزود اليوم 80٪ من الأفيون المنتج بشكل غير قانوني في العالم.
ورأى المقال أن الولايات المتحدة قد أصبحت مثقلة بالديون لتمويل الحرب في أفغانستان: فقد كان عليها أن تدفع 500 مليار دولار، مرة أخرى من الأموال العامة، أما الميزان السياسي- العسكري للحرب، والذي أراق أنهاراً من الدماء وأحرق موارد هائلة، كارثي للولايات المتحدة، باستثناء المجمع الصناعي العسكري الذي حقق أرباحًا طائلة منه.
وأورد المقال نقلاً عن صحيفة “نيويورك تايمز”: يقوم البنتاغون ووكالات التجسس الأمريكية والحلفاء الغربيين باجتراح خطط لنشر قوة أميركية أقل وضوحاً لكنها لا تزال فعالة في المنطقة، بما في ذلك الطائرات من دون طيار والقاذفات بعيدة المدى وشبكات التجسس، إذ ستقوم الولايات المتحدة بسحب 2500 جندي، لكن البنتاغون لديه بالفعل حوالي 1000 جندي على الأرض أكثر مما أقر علناً، وينتمون إلى القوات الخاصة تحت قيادة البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية، بالإضافة إلى أكثر من 16000 متعاقد أمريكي يمكن استخدامهم لتدريب القوات الحكومية الأفغانية.
وختم المقال بالقول: إن الهدف الرسمي للخطة الإستراتيجية الجديدة كما تدعي الولايات المتحدة هو “منع أفغانستان من الظهور كقاعدة إرهابية لتهديد الولايات المتحدة”, لكن الهدف الحقيقي كما كان قبل عشرين عاماً وهو أن يكون لديها وجود عسكري قوي في هذه المنطقة على مفترق طرق بين الشرق الأوسط ووسط وجنوب وشرق آسيا كونها منطقة ذات أهمية إستراتيجية أساسية خاصة تجاه روسيا والصين.