من الكيان الإسرائيلي «هدية لبنانية» لترامب وسؤال عن المقابل الأميركي وعن شهرين ‏خطيرين ما قبل التنصيب..؟

تشرين- مها سلطان:

مقابل ماذا سيمنح الكيان الإسرائيلي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب «انتصاراً ‏مبكراً» في السياسة الخارجية؟.. والحديث هنا على ذمة صحيفة «واشنطن بوست» ‏الأميركية، ومفاده أن متزعم حكومة الكيان بنيامين نتنياهو يمضي قدماً من أجل صفقة لوقف ‏إطلاق النار في لبنان. ونقلت «واشنطن بوست» عمن وصفتهم بمصادر مطلعة أن نتنياهو يُجهز ‌‏«هدية» لترامب في شهر كانون الثاني المقبل بخصوص المنطقة، وقالت: إن أحد المقربين منه ‏أخبر ترامب وصهره غاريد كوشنر هذا الأسبوع بأن «إسرائيل» تمضي قدماً من أجل صفقة ‏لوقف إطلاق النار في لبنان بهدف تحقيق «انتصار مبكر» لترامب في السياسة الخارجية. ‏
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول إسرائيلي قوله: هناك تفاهم على أن «إسرائيل» ستقدم ‏هدية لترامب.. وإنه في كانون الثاني المقبل سيكون هناك تفاهم بشأن لبنان.‏
من المفيد هنا التذكير بما تم تداوله سابقاً خلال حملة ترامب الانتخابية وتعهده بـ إنهاء الحروب ‏في الشرق الأوسط، وقوله لنتنياهو في مكالمة هاتفية الشهر الماضي: «افعل ما عليك فعله ‏لإنهاء المهمة في غزة ولبنان»، وتشير «واشنطن بوست» إلى زيارة رون ديرمر المسمى وزيراً ‏للشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، إلى ترامب في مارالاجو بولاية فلوريدا، كأول محطة له في ‏جولته الأميركية، قبل وصوله إلى واشنطن ولقائه مسؤولين في إدارة جو بايدن لبحث ملفي ‏غزة ولبنان، حيث تمت مناقشة مجموعة واسعة من القضايا، ولم تذكر الصحيفة أي تفاصيل. ‏
ووفقاً لها فإنه من غير الواضح ما تمت مناقشته في مارالاجو بين ديرمر وترامب، لكنها بالمقابل ‏أفادت بأن الاتصالات بين نتنياهو وترامب لم تنقطع خلال رئاسة بايدن، وأن ديرمر كان على ‏اتصال دائم بكوشنر، بينما أشار مسؤول عسكري إسرائيلي إلى أن هناك «خططاً قيد الإعداد ‏لتكثيف العمليات البرية في لبنان إذا انهارت المحادثات في نهاية المطاف». ‏

‏«هدية» نتنياهو
وحسب ما يأمل الكيان الإسرائيلي فإن «هديته» لا بد أن يكون مُتحققاً فيها هدف «القضاء» ‏على المقاومة اللبنانية/ حزب الله، بنزع أسلحته وانسحابه إلى ما وراء نهر الليطاني، على أن ‏يتولى جيش الكيان السيطرة على المنطقة «الحدودية» لفترة أولية مدتها 60 يوماً تحت ‏إشراف أميركي – بريطاني. ‏
ويبدو أن «الهدية» لا تشمل قطاع غزة، فعلى المستوى الفلسطيني هناك حديث آخر للقطاع ‏والضفة الغربية معاً في ظل ما يعلنه الكيان عن أنه سيعمل على ضم الضفة الغربية بمباركة ‏ترامبية، فيما هو يستعد على الأرض لإعادة الاستيطان في القطاع بدءاً من الشمال بعد أن ‏عمل على تهجيره من أهله الفلسطينيين طوال 13 شهراً من الحرب الإسرائيلية على القطاع.‏
وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قد نشرت أمس صور أقمار صناعية تظهر قيام الجيش ‏الإسرائيلي بفتح محاور جديدة وشق طرق واسعة، وإنشاء شبكات خليوي ومياه تؤدي ‏إلى المستوطنات في غلاف غزة، وهدم منهجي للمباني التي لا تزال قائمة، تمهيداً لبناء بؤر ‏استيطانية كبيرة للبقاء في القطاع.‏

المقابل الأميركي؟
وبالعودة إلى «هدية» نتنياهو، وسؤال المقابل الذي سيحصل عليه الكيان الإسرائيلي، فما زال ‏من غير المعروف ما هو، وهل إنه سيكون فلسطينياً، أي السماح لإسرائيل بضم الضفة ‏الغربية والاستيطان في قطاع غزة تمهيداً للسيطرة عليه هو الآخر، وبما يدفع لإنهاء حكم ‏السلطة الفلسطينية في رام الله، وتالياً إنهاء مسار حل الدولتين بصورة كلية قاطعة.. أم سيكون ‏أوسع من ذلك، أي إلى ما بعد غزة ولبنان، بمعنى إقليمياً موجهاً ضد دول معروفة.. أم بإعادة ‏تفعيل مسار التطبيع/اتفاقات إبراهام؟
ولنلاحظ هنا أن حديث الهدية يأتي مترافقاً مع تعيينات ترامب الإدارية التي تتوالى، خصوصاً ‏ذات الصلة بالكيان، وبعد تسمية ماركو روبيو وزيراً للخارجية الذي قال الكيان عنه إنه ‏صديق كبير لـ«إسرائيل».. وتسمية مايك هاكابي سفيراً في الكيان صاحب التصريحات ‏الشهيرة عام 2017 بأنه «لا يوجد شيء اسمه فلسطين».. وقوله أمس الأربعاء في مقابلة مع ‏إذاعة الجيش الإسرائيلي: «بالطبع يجب دعم الحكومة الإسرائيلية إذا ما أرادت ضم الضفة ‏الغربية».‏
وكان هاكابي اعتبر عقب ترشيحه من ترامب، في تصريح لقناة «فوكس نيوز» أن ‏ترامب «يؤثر في الصراع بالشرق الأوسط حتى قبل تنصيبه كرئيس للبلاد».‏

في كانون الثاني؟
لكن السؤال الأهم هنا هو إلى أي مدى يعتقد نتنياهو أنه يستطيع الوصول إلى صفقة وقف ‏إطلاق نار في لبنان، وأنه يستطيع تحديد تاريخ لذلك في كانون الثاني المقبل؟
وبالنظر إلى أن نتنياهو يريد تحقيق هذه الصفقة متضمنة لنزع سلاح حزب الله وإبعاده إلى ما ‏بعد الليطاني.. كيف يمكن لنتنياهو تحقيق ذلك إذا كان حزب الله يُمطر كيانه يومياً بعشرات ‏الصواريخ، ويكبده خسائر فادحة في الجنود والعتاد خلال العملية البرية التي بدأها الكيان في ‏جنوب لبنان في أول تشرين الأول الماضي، رغم أن الكيان لديه ضوء أخضر أميركي مطلق ‏من دون خطوط حمراء من إدارة بايدن لإحراق الأرض والسماء في غزة ولبنان مهما بلغ ‏مستوى الإجرام والوحشية.. وكما هو واضح فيما أوردته «واشنطن بوست»، الآنف الذكر، وعن ‏اتصالات نتنياهو مع ترامب التي لم تنقطع، فإن الضوء الأخضر كان من ترامب أيضاً، وهو ‏سيستمر، بل إن ترامب سمح لنتنياهو بفعل كل ما يريد لإنهاء المهمة في غزة والضفة قبل أن ‏يستلم مهامه رئيساً، وما زال أمام نتنياهو شهران قبل التنصيب، وقد نشهد فيهما تصعيداً ‏إسرائيلياً خطيراً جداً يتجاوز غزة ولبنان، وبما يُجبر المنطقة على التدخل بصورة مباشرة ‏والضغط على حزب الله (وقطاع غزة) في سبيل التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار.. كل ‏شيء وارد، وكل السيناريوهات متوقعة مع اقتراب التنصيب ومع فشل الكيان الدائم في تحقيق ‏أي من أهدافه ضد لبنان/ حزب الله، وهذا ما يؤكده الميدان، حيث يكفي أن نراجع ميدان أسبوع ‏مضى، خصوصاً أمس وأمس الأول، لندرك أن أياً من تلك الأهداف لن تتحقق، وبالتالي فإن ‏سيناريو التصعيد الإسرائيلي الخطير في المنطقة هو المرجح.. وهنا أكثر من طرف في ‏المنطقة ضمن هذا السيناريو، أي إنه ليس بالضرورة أن يكون موجهاً ضد إيران فقط.‏

‏«مُسيّرة» مصرية
لنورد هنا الخبر الذي نشرته وسائل إعلام إسرائيلية أمس حول إسقاط مسيّرة قادمة من مصر، ‏عبر سيناء، إلى غزة، محملة بالأسلحة. وحسب موقع «‏nziv‏» الإخباري الإسرائيلي «هناك ‏تطورات أمنية جديدة على الحدود بين مصر وإسرائيل» بسبب تكرار هذا الحادث للمرة الثالثة ‏على التوالي في غضون شهرين.‏
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن المسيّرة تحطمت بالقرب من «الحدود»، ما دفع ‏السلطات إلى إغلاق الطريق السريع رقم «12»، وقال موقع «‏nziv‏»: هذا يأتي على خلفية ‏توتر العلاقات الذي تصاعد على خلفية الحرب المستمرة منذ 7 تشرين الأول 2023، ‏وأضاف: الوضع الأمني مستمر بالتدهور ما يزيد من التحديات في ضبط الحدود والحفاظ ‏على الاستقرار الأمني. ‏
وبشكل عام فإن الإعلام الإسرائيلي والعديد من المسؤولين الإسرائيليين يركزون على مصر ‏في حملة مكثفة مبرمجة تستهدف وضعها في دائرة الشك والاستفزاز، ليس بالتصريحات فقط، ‏بل بعدة إجراءات على الأرض ضمن منطقة محور صلاح الدين/فيلادلفي، وبما يهدد أمنها ‏القومي وينتهك بنود اتفاقية كامب ديفيد، ولا يخفى الهدف من وراء كل ذلك، كما لا يخفى أن ‏القيادة المصرية هي تماماً في صورة النيات الإسرائيلية المبيتة.‏

جبهة لبنان
فيما يُشيع الكيان خبر «الهدية» المأمولة لترامب، وهو يفعل ذلك عمداً مع استشراس ‏المواجهة مع حزب الله، وبهدف التعمية وتصعيد التهديد في الوقت نفسه.. فيما يُشيع الكيان ‏ذلك، فتح حزب الله معادلة الصواريخ والمسيّرات على مستوى جديد من المواجهة بإدخال ‏صاروخ جديد على العمليات العسكرية من نوع «فادي-6» بقدرة تدميرية كبيرة مقارنة ‏بالنسخ السابقة، وهو من فئة صواريخ «أرض- أرض» التكتيكية، الدقيقة التوجيه، بمدى يصل ‏إلى 225 كم (إلى مناطق العمق الإسرائيلي)، والصاروخ يعمل بالوقود الصلب ويمكن إطلاقه ‏من منصات ثابتة ومتحركة. ‏
وأعلن حزب الله اليوم استهداف تجمعات لقوات إسرائيلية في مستوطنة سعسع بوابل من ‏الصواريخ مساء أمس الأربعاء. كما أعلن استهداف قاعدة «الكرياه» في تل أبيب وسط الكيان، ‏للمرة الأولى، بسرب من المسيّرات الانقضاضية النوعية، مؤكداً إصابة الأهداف بدقة.. (والكرياه ‏هي مقرّ وزارة الحرب وهيئة الأركان العامّة الإسرائيليّة، وغرفة إدارة الحرب، وهيئة الرقابة ‏والسيطرة الحربيّة لسلاح الجو).‏
وعرض الإعلام الحربي لحزب الله مشاهد من استهداف مقاتليه قاعدة «تل نوف» الجوية ‏جنوب شرق تل أبيب (يافا المحتلة) بصواريخ «فادي-6» والقاعدة تبعد حوالي 145 كم عن ‏الحدود اللبنانية.‏
وتم استهداف قاعدة «عاموس» على بعد 55 كم من الحدود شمال الكيان بسرب من ‏المسيّرات الانقضاضية باصابات دقيقة (وقاعدة عاموس هي قاعدة تشكيل النقل في المنطقة ‏الشماليّة، ومحور مركزي في جهوزيّة شعبة التكنولوجيا). ‏
وكان حزب الله قد بث أمس فيديو صادماً للكيان أعلن فيه أنه قتل أكثر من 100 جندي إسرائيلي ‏وأصاب 2000 آخرين منذ إطلاق الجيش الإسرائيلي عمليته البرية في جنوب لبنان في أول ‏تشرين الأول الماضي. وقال: إن مقاتليه دمروا 43 دبابة ميركافا و 8 جرافات عسكرية، وآليتي ‏هامر، ومدرعتين، وناقلتي جند، وتم إسقاط 4 مسيّرات من طراز هرمز450، ومسيّرتين من ‏طراز هرمز900.‏

العملية البرية ‏
أماً براً، فقد اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل 7 من جنوده وإصابة آخرين خلال الساعات ‏الـ24 الماضية في معارك بجنوب لبنان من المسافة صفر، وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية ‏إنه في «حدث صعب جداً» قتل ضابط وخمسة جنود وأصيب 4 معهم، ينتمون للكتيبة 51 ‏التابعة للواء غولاني، وذلك في عملية عسكرية جنوب لبنان، ليرتفع بذلك عدد قتلى الجيش ‏الإسرائيلي إلى 792، منهم 373 سقطوا في معارك غزة و39 سقطوا في معارك جنوب ‏لبنان، وفق إحصاءات الجيش الإسرائيلي. ‏
يأتي ذلك بعد يوم واحد فقط من مصادقة هرتسي هاليفي، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي على ‏توسيع العمليات البرية، ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر عسكرية قولها: إن ‏قوة إسرائيلية دخلت مبنى لم تكن قد عملت فيه بعد، نحو الساعة العاشرة صباحاً، وفتح مقاتلو ‏حزب الله – الذين نصبوا كميناً لهم هناك – النار عليهم من مسافة صفر، وأشارت إلى أن ‏مقاتلي حزب الله خرجوا من نفق تحت الأرض، وهذا يعني أنهم لم يصابوا رغم كثافة ‏الهجمات التي سبقت دخول القوة العسكرية.‏
وتستمر الغارات الإسرائيلية على مختلف المناطق اللبنانية خصوصاً في الجنوب والضاحية ‏الجنوبية.‏

المقاومة العراقية
وكانت المقاومة العراقية أعلنت اليوم أنها هاجمت بالمسيّرات، للمرة الثالثة «هدفاً حيوياً ‏شمال الكيان»، وقالت في بيان: «إن الاستهداف يأتي استمراراً لنهجنا في مقاومة الاحتلال ‏ونصرة لأهلنا في فلسطين ولبنان، ورداً على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق ‏المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ».‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار