تشهد العديد من مناطق شمال سورية وشرقها، التي ترزح تحت الاحتلالين الأميركي والتركي، غضباً شعبياً عارماً رفضاً للاحتلال وما يقوم به من ممارسات وعمليات سرقة للنفط والخيرات السورية وإحراق المحاصيل الزراعية.
السوريون في تلك المناطق ما انفكوا خلال الفترات الماضية يقومون بتحركات رافضة للاحتلال والمجموعات الإرهابية والانفصالية بأرياف دير الزور والقامشلي وعدة قرى محيطة بريف الحسكة، على خلفية استهداف حقول المزارعين بالقذائف الحارقة بواسطة الطائرات الأميركية والمدفعية التركية، ما تسبّب بخسائر مادية في هذه الحقول.
إن ما يحدث في المناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال وإرهابييه ومرتزقته، من سرقة النفط وحرق المواسم وقطع المياه، تتمّ بصورة مُمنهجة، وهي منسقة بين الأميركيين والأتراك، للتضييق على السوريين والإمعان في محاصرتهم بلقمة عيشهم من ناحية، ومن ناحية ثانية الضغط على الدولة السورية.
أمام هذا الواقع بات لابدّ من مقاومة شعبية بعد أن انتقلت دول الاحتلال من مرحلة الحرب بالوكالة القائمة على دعم وتمويل وتسليح التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود والميليشيات الانفصالية إلى الحرب المباشرة بالأصالة عبر ممارسة العدوان والاحتلال العسكري المباشر وسرقة ونهب وتخريب الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة السورية وقطع المياه وحرق المحاصيل الزراعية وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب ضد الشعب السوري.
ولمواجهة عدوان القوى الاستعمارية في المناطق السورية المحتلة في الشمال، كان لابدّ من تنشيط وسائل المقاومة الشعبية، وعمادها أبناء الشعب العربي السوري وعشائره وقواه الوطنية ورجال الدين ومنظماته الواجهية والشعبية لتأخذ على عاتقها مقاومة المحتل ودحر الفلول الظلامية التي دخلت سورية بمساعدة القوات الأمريكية والتركية ومرتزقة بني سعود ومن لفّ لفهم، وسبق أن كان لهذه المقاومة نتائجها وبطولاتها الفريدة في دحر الاحتلال الفرنسي، وتحرير سورية، وبتلك المقاومة استطاع السوريون على اختلاف مشاربهم ومناطقهم، أن يكتبوا ملحمة التاريخ، حيث ولى الفرنسيون جارّين ذيول هزائمهم من سورية، وها نحن اليوم نشدّ على أيدي المقاومين السوريين الذين لم يهن عليهم احتلال وطنهم وسرقة خيراته، فالمقاومة حق مشروع للشعوب التي لا تقبل بغير الحرية وطرد الغزاة، وقد كانت كلمة السوريين خلال المؤتمرات الشعبية التي عقدت في سورية مؤخراً لطرد المحتلين الأمريكان والأتراك تأكيداً جديداً على مواجهة المحتل الذي دمّر أرضهم ونهب خيراتهم.
ومن هذا المنطلق علينا كقوى شعبية عربية دعم هذه المقاومة لطرد الغزاة من كل مكان يتواجد فيه العدو الغازي على أرض سورية العربية، فهذه المقاومة هي الخيار الأمثل لدحر الاحتلال، ومحو آثاره، فضلاً عن كونها مقاومة مشروعة كفلتها القوانين والشرائع الدولية، فسورية لأبنائها فقط ولا مكان لتجّار الحروب على أرض السلام والحرية، وهنا لابد من تأكيد أن ظهور المقاومة السورية في هذه المرحلة تثبت عمق أصالة الإنسان السوري وحبه لأرضه وتحديه لعوامل الزمن المرة بعد صبر طويل استطاع فيه الجيش العربي السوري أن يسطر أروع الملاحم الخالدة في مواجهة الإرهابيين ورعاتهم وليعرف العالم أن الشعب السوري أعلن عزمه على التصدي للذين يحتلون أرضه.
إنّ تحرك السوريين في الشمال والشمال الشرقي رفضاً لأي وجود أجنبي غير شرعي على الأراضي السورية ومحاربة المحتلين في الشمال والجزيرة بكل السبل المشروعة والمتاحة حتى خروج آخر جندي محتل من سورية، مرشح للتصاعد وبوتيرة أعلى وأكبر.. ونادراً ما يمر يوم إلا ونسمع عن تصدي السوريين لأرتال الاحتلال، ومهاجمة مواقع عسكرية تابعة له ولمرتزقته، ما يؤكد أن التحركات المناهضة للاحتلال لن تتوقف، وهي وإن بدأت تحت عناوين مختلفة، لكنها في الجوهر، مقاومة شعبية ضد الاحتلال، بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، وتأكيد على وحدة سورية وسيادتها وعروبتها.
أكاديمي وكاتب عراقي