لم يقتصر الفساد الذي يضرب أطنابه في المجتمع الأمريكي على المجال السياسي بل إنه تغلغل عميقاً في المجال الاجتماعي والاقتصادي، حيث قدر تقرير جديد أجراه باحثون وأكاديميون في مصلحة الضرائب الأمريكية نُشر مؤخراً في موقع “إنفورميشن كليرينغ هاووس” أن 1% من أغنى الأسر الأمريكية الثرية لا تكشف عن حوالي 21٪ من دخلها، وغالباً ما يستخدمون أساليب ملتوية تسمح لهم بالتغلب على عمليات تدقيق الحكومة الفيدرالية، لافتاً إلى أن 6 نقاط مئوية من الدخل غير المبلغ عنه لأغنى الأسر لم يتم اكتشافها من الحكومة أثناء التدقيقات المالية مثل لجوء هؤلاء لعمليات عديدة مثل النقل إلى الخارج ويقصد به نقل أماكن العمليات التجارية من بلد إلى آخر والتجارة عبر الحدود وأساليب التجنب الآخر من الدفع الضريبي.
ويؤكد التقرير وجود عمليات تهرب كبيرة من الأثرياء تتطلب موارد إدارية للكشف والردع، حيث يقدر محللون سياسيون أن أكثر من 36% من ضرائب الدخل الفيدرالية غير المدفوعة مستحقة على أثرى أثرياء أمريكا، وأن جمع كل ضريبة الدخل الفيدرالية غير المدفوعة من هذه المجموعة سيزيد الإيرادات الفيدرالية بأكثر من 175 مليار دولار سنوياً.
وهناك الكثير من النقاش في الولايات المتحدة حول حقيقة تشير إلى انخفاض معدلات التدقيق على ثروات هؤلاء ومدى التزامهم بدفع الضرائب للحكومة الأمريكية.
وحسب الموقع، ذكر الـ”برو ببليكا” وهو موقع إخباري في نيويورك يهدف إلى إنتاج صحافة استقصائية في الصالح العام، أنه في السنوات الأخيرة، قامت مصلحة الضرائب الأمريكية، بالتدقيق على ضرائب المواطنين الأمريكيين العاديين بنفس الطريقة التي تدقق فيها على ضرائب الأثرياء في الولايات المتحدة والذين كانوا لسنوات عديدة المستفيدين الرئيسيين من التخفيضات في الميزانية وذلك أثناء التدقيقات المالية التي تجريها مصلحة الضرائب الأمريكية، حيث لاحظ الباحثون أنها غير دقيقة وأن الدخل السنوي للأثرياء في الولايات المتحدة والتفاوت الكبير في نسب توزيع الضرائب فيما بين الأثرياء أنفسهم يتم التقليل من شأنها بشكل كبير.
وقال الباحث ريك من كلية لندن للاقتصاد لصحيفة “وول ستريت جورنال”: تظهر النتائج أن هناك عوائد أكثر مما يعتقد الكثيرون من الأثرياء عند التزامهم بدفع الضرائب، وأضاف: ما هو مطلوب هو إستراتيجية أوسع تتضمن تدقيقاً متزايداً في الأعمال التجارية العابرة، والاستثمارات أثناء عمليات التدقيق الشاملة التي تقوم بها مصلحة الضرائب في برنامج الثروة العالمي.
وفي الشهر الماضي، قدم النائب رو خانا (ديمقراطي من كاليفورنيا) تشريعات من شأنها أن تزود مصلحة الضرائب بمبلغ 100 مليار دولار من التمويل الإضافي على مدى عقد من الزمان حتى تتمكن الوكالة من فحص التهرب الضريبي من أغنى الأمريكيين وقمعهم عن كثب، والقيام بإجراءات أكثر صرامة للإبلاغ عن دخل هؤلاء الأثرياء.
ويقدر مكتب خانا أن وقف عمليات التهرب الضريبي للأثرياء، سيحقق أكثر من 1.2 تريليون دولار من الإيرادات الفيدرالية على مدى 10 سنوات.
وقال “خانا” في بيان: “نعلم أن نظامنا الضريبي معطل وقد مضى وقت طويل على بدء إصلاحه، خاصة وأن الأثرياء جداً يلعبون بقواعد مختلفة عن بقية الأمريكيين.
وختم الموقع: نادراً ما تُمرر السياسات الرئيسية من دون دعم النخبة الثرية أو بما يحقق مصالح الأثرياء، ويتفاقم الانقسام والسخط بسبب عدم المساواة، ما يؤدي إلى مستويات أعلى من انعدام الثقة في المؤسسات الديمقراطية وما هو أسوأ من ذلك.