الوهابية.. حسب التوقيت السعودي

مابعد يوم الثلاثاء السعودي، هل سيكون كما قبله على مستعمرة بني سعود؟ فتصريحات ولي عهدها، الذي استثمر منتدى اقتصادياً ليعلن فيه ـ بين المليارات الأمريكية الـ٥٠٠ ـ قيمة مشروعه الذي أطلقه مع خبر «نية» الأسرة الحاكمة اتّباع سياسة الوسطية، ليست إلا تأكيداً على أن وراء كل «اعتدال» وهابي (سلطة ومالاً) وليشكل تصريحه: «نحن فقط نعود إلى ماكنا عليه، الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وعلى جميع التقاليد والشعوب..» اعترافاً صريحاً بتبني بني سعود التطرّف والأصولية والإرهاب، واستغلالهم سلطتهم لنشر الفكر الوهابي التكفيري وتصديره إلى كل أنحاء العالم، فقد موّلوا وجنّدوا ودرّبوا الإرهابيين الأصوليين المرتزقة، كيف لا، و«ثقافة» قطع الرؤوس وسفك الدماء ثقافة جاهلية مصدرها «جغرافي سياسي سعودي» خالص، إذ تفوقت السعودية على نظيرتها «إسرائيل» بنشر «ثقافة» الكراهية والطائفية.
واليوم، وحسب توقيت مصالحها، تعلن السعودية نيتها العودة إلى الوراء واتّخاذها تدابير وإجراءات «للقضاء» على (بقايا) التطرّف ليعيشوا حياة طبيعية تترجم ديننا السمح ـ البعيدين أساساً عنه ـ وعاداتهم وتقاليدهم (الطيبة!)
فعن أي اعتدال ووسطية يتحدثون في ثلاثائهم الاستعراضي ووهابية «مذهبهم» تنفي الآخر وتحلل استباحة دمه وماله وعرضه؟
وهل سلوك الأسرة الحاكمة (بني سعود) باعتقالها واحداً أو اثنين بتهمة التطرّف يعني أنها صارت تنتهج الوسطية؟ وهل سماحها للمرأة بقيادة السيارة، وتلميحها بإمكانية السماح بفتح دور السينما وبثها الحفلات الغنائية على شاشاتها الرسمية يعد «فتحاً اجتماعياً» يلغي سياستها التكفيرية، ويجعلها -حسب زعم محمد بن سلمان- «دولة خالية من التطرّف»؟
إن القادم من الأيام سيعري سلطتهم، فهل، مع إعلان «اعتدالهم»، سيتخلون عن دعم التنظيمات الإرهابية وإثارة النعرات الطائفية في العالم؟ وهل سيكفّون عن تنفيذ المخططات المستَهدِفة لسورية خصوصاً وللمنطقة عموماً؟ وهل سينهون حربهم الإجرامية على اليمن؟
أم إنهم سيكتفون باستكمال «نهوضهم الاقتصادي» وتوقيعهم صفقات استيراد ماكينات حلاقة وربطات عنق يعلنون من خلالها تبنيهم «سياسة الاعتدال»، وسط تصفيق حضور ونشوة إعلام غربي «بالحلة السعودية الجديدة» التي سيتم طرحها في السوق السياسية، ليبقى الحال السعودي على ما هو عليه توقيته ثابت رغم «إكسسوارات» ثلاثائهم المتغير ظاهرياً.
ولأنها تجيد لعب دور الببغاء، فإن السعودية تردد ما يملى عليها وتعمل على خياطة ثوب جديد يظهرها أمام العامة الإمبريالية المرحّبة بانتهاجها (الخطابي) الاستعراضي بمظهر جديد، بينما جسدها مازال ممتلئاً بشحوم التطرّف والتعصب، وجوفها على أهبة الاستعداد لتقيؤ الإرهاب في أي زمان ومكان ولكن بعيداً عن «إسرائيل»، حيث بوصلة بني سعود منحرفة تماماً عن التسديد نحو سمت الكيان الصهيوني.
إذاً، إعلان «ولي العهد» ليس إلا تطوراً دراماتيكياً متوازياً مع طموحات الشاب الاقتصادية، لأنه بات يدرك أن عملية «إصلاحاته الاقتصادية» لن تنضج إلا من خلال عملية إصلاح كبرى وعميقة في نهج بني سعود الفكري والديني، ولأن هذا أمر مستحيل، قاموا بلعب دور الكومبارس وتحقيق تمثيلية مملة ليكون لسان حالهم يحاكي مسلسلاً رمضانياً استعان بحلقات إضافية لن يهتم بمتابعتها إلا أصحاب المصالح، لأن زبدة صورتهم اكتملت، وأي إضافات لثلج «مدعّم» لن تنتج إلا المصل، فكل إناء، مهما اختلف نوع إرهابه، لا ينضح إلا بوهابية مافيه.
باختصار:
الوهابية، حسب التوقيت السعودي، ما هي إلا مشروع جوهره التطبيع بين دول عربية و«إسرائيل» عبر البوابة الاقتصادية.
m.albairak@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار