ثقافة المقاومة
استعمار، استبداد، احتلال، حروب..
مفردات افتتاحية تليق بتوصيف صنّاع الجريمة ومرتكبي أفعالها، وأمام فجور الدول المنتجة للإرهاب لابد من نظير أفعال يجاري مساحة حضورهم لتكون المقاومة لسان حال الشعوب التي ظنّت الدول الكبرى أنها «قادرة على اضطهادها».
وفي سورية كان أن اجتمع ضدها ظلماً وعدواناً 33 دولة أوروبية تحت عصبة أمريكية، وتحالفت معها مشيخات خليجية، وسوقت لها إعلامياً 1890 صحيفة و780 محطة فضائية، ما عدا تدخل مرتزقة من أكثر من 100 دولة وعسكرتهم عبر المناطق الحدودية وارتكابهم الجرائم بحق المواطنين والبنى التحتية..
ولأن المقاومة فعل مشروع ضد فعل غير مشروع، كان خيار المواطن السوري المقاومة.. وكان الإيمان بقدرته على تجسيد إرادته أفعالاً وتعزيز المقاومة بصيغ شمولية، ولتصير ثقافة تستوعب السلاح كفكرة وتتحقق معها الممانعة كنتيجة صحيحة، فقد باتت المقاومة خياراً لابدّ منه مادامت ظروف الساعة تعدّه حاجة وعاملاً أساسياً لتحقيق الانتصار على كل عدوان واستغلال.
ثقافة المقاومة اعتمدها ومارسها المواطن السوري المتمسك بثوابته الوطنية التي أبى التفريط بها أو المساومة عليها، لأنه يعي تماماً الفرق مابين السلام والاستسلام، وكيف تكون مخرجات النضال، فقطع المراحل، لا بل ساهم في دمج حوامل ثقافة المقاومة «اقتصادياً وثقافياً وتربوياً وفكرياً»، وكان مع المؤسسة العسكرية والحكومية في خندق واحد، تآلف مع الظروف الآنية وتفاصيل استهدافه كمجتمع، وقرأ جيداً أعداءه وطرائق عملهم وخططهم الاستراتيجية، واكتشف ما لديه من موروث ومن تجارب، ونبذ التعلق بالحياة القائمة على الاستهلاك والبذخ وسيادة السلعة، ليكون بحق صورة أصيلة عن سورية الدولة ذات السيادة «حكومةً وشعباً» والتي هزّت العالم ما يقارب سبع سنوات حرب -رغم اجتماع كل تلك العصبة ضدها، بصحفها وفضائياتها ومرتزقتها- بصياغتها موقف الممانعة لواقع فرض عليها ولسان حالها يأبى الهزيمة ولا يقبل بالانتصارات محدودة الأفق مادام صاحب حق وقضية.
دول عظمى أعلنت الحرب..
وسورية مقاومة
دول مجاورة فتحت الحدود لعبور آلاف مؤلفة من الإرهابيين المرتزقة..
وسورية مقاومة
دول «شقيقة» مدّت التنظيمات الإرهابية بالمال والسلاح وتكالبت على سورية في فضائياتها..
وسورية مقاومة
فرض على شعبها الحصار بكل أشكاله..
وسورية مقاومة
وهاهي دير الزور أنموذج حي مضاعف الإنجاز، حيث النصر العسكري عبر عمليات نوعية للجيش العربي السوري، والنصر المدني لمدنيين صمدوا ثلاث سنوات حصار، هو من الحصارات الأطول في العالم، فقد تخطّى حصار لينينغراد الذي دام 872 يوماً، وليكون كسر ذلك الحصار إنجازاً عسكرياً كبيراً بكل معنى الكلمة، وليشكّل تحولاً استراتيجياً في الحرب على الإرهاب، وليلحق الهزيمة الكاملة بالمشروع الإرهابي ضد سورية.
لأن الحاجة أم الاختراع فقد تخطّى السوريون فكرة دراسة التجارب، وحققوا فعل المقاومة بسلوكيات جديدة تدل على أن شعباً بحجم سورية «الخريطة السياسية» اعتنق المقاومة عقيدة، وواجه التحديات بردود أفعال أكبر من أن تسجل له «بالعابرة» وبموقف عميقٍ وواعٍ قابل للتراكم، يليق بما يحققه أبطالنا حَمَلَةُ السلاح من جنوده الذين هم أولاً وأخيراً أبناء الشعب والمنتج الأهم لسياسة الدولة السورية التي لن تقبل إلا بالانتصارات العظيمة.
m.albairak@gmail.com