“دور وسائل الإعلام الوطنية في نشر الثقافة” في أيام الثقافة السورية
طرطوس- ثناء عليان:
يرى بعض الخبراء المختصون أن الثقافة والإعلام مفهومان قريبان من بعضهما، والبعض الآخر يرى أنهما متلاصقان وأحياناً متشابهان، غير أن واقع الحال يشير إلى وجود هامش من الاختلافات طبقاً لطبيعة كل منهما، ومنشأه ووجوده وتاريخه.
هذا ما أكده الإعلامي هيثم يحيى محمد خلال المحاضرة التي ألقاها في المركز الثقافي بطرطوس ضمن فعاليات أيام الثقافة السورية التي تُقام بذكرى تأسيس وزارة الثقافة تحت عنوان “نحو دور أفضل لوسائل الإعلام الوطنية في نشر الثقافة”، مشيراً إلى أن الثقافة هي المعين الأكبر والأعمق لكافة وسائل الإعلام، والتأصيل لكلمة ثقافة يقودنا إلى فهم إدراكي حقيقي لماهيتها ودورها في الحياة العامة.
دور
وتحدث محمد عن أهمية الإعلام في حياتنا ودوره في عملية التنشئة، بناء الوعي الاجتماعي وفي تشكيل الوعي المجتمعي لدى قطاع كبير من الأفراد من جهة، والمجتمعات من جهة ثانية، سواء أكانت الرسالة سلبية أم إيجابية، فالإعلام سلاح ذو حدين، إما أن يسهم في تعزيز وترسيخ القيم والعادات السليمة، وإما أن يكون معول هدم لها، ومن هذا المنطلق يقع على عاتق القائمين على هذه الآلة في عالمنا العربي دور كبير في انتقاء ما يعرض في شتى وسائل الإعلام من إذاعة أو تلفاز أو غيرهما.
فواجب هذه الوسائل نحو المجتمع –حسب محمد- توجيه لانتقـاء المحتـوى الإيجـابي القيـم والمفيـد، وتشـجيع أبنائه عـلى المشـاركة في تقديـم وتطويـر محتـوى متميـز، واسـتخدام التكنولوجيـا الحديثـة في إيجـاد مضامـين إعلاميـة مبتكرة، وذلـك بهـدف الضبـط الإعلامـي وبنـاء الـذوق العـام للمجتمـع والارتقـاء بمنظومـة القيـم والأخـلاق فيه.
وأكد محمد إن إعلامنا السوري إعلام وطني حقيقي من حيث تمسكه بالثوابت الوطنية، التي تجمع عليها النسبة العظمى من السوريين، ومن حيث عدم استخدامه لأي مصطلحات طائفية أو مذهبية أو أثنية، ومن حيث دعواته دائماً وبرامجه وكتاباته.
متطلبات
ومن متطلبات الإعلام السوري برأي المحاضر، إعادة الثقة بإعلامنا لعقل من فقدها وتعزيز الثقة عند من لم يفقدها، ومعالجة أي ترهل أو فساد فيه يتطلب الكثير من العمل الموضوعي والجريء، وضمن هذا الإطار لابد من تأهيل الكادر الإعلامي الموجود واستبعاد كل من هو غير قابل للتأهيل الذاتي أو المؤسساتي بعد إخضاعه لتقييم موضوعي من قبل شخصيات إعلامية مشهود لها بالمهنية والحرص والموضوعية، وأكد ضرورة دعم كوادر الإعلام بشكل عام مادياً من حيث الراتب والتعويضات، ورفع الوصاية عن إعلامنا من قبل بعض الجهات، وأن تكون مرجعيته واحدة وفق ما ينص عليه قانون الإعلام، وان تعطى لمؤسساته والقائمين عليها حرية النشر وسرعة التصرف وقرار التعامل مع أي حدث يحصل سواء أكان حدثاً أمنياً أو عسكرياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو حزبياً، والتنسيق والتواصل مع الجهات ذات العلاقة لجهة الحصول منها على المعلومات المطلوبة بخصوص الحدث وبما يساعدها في السبق الإعلامي ومصداقية الخبر، بحيث يصبح إعلامنا المرجعية للجميع في الحصول على المعلومة بخصوص أي حدث على أرض الوطن.
رؤيا
وأكّد محمد على ضرورة اعتماد الأسس المهنية والابتعاد عن الشخصانية، والاستثمار في الإعلام بالتشاركية بين الدولة والمجتمع، وإعطاء المزيد من الحرية لوسائل الإعلام السورية، لأن الحرية هي التي تمد الإعلام بكل أسباب الحياة والبقاء والتأثير وعدم الفوضى، مع التشجيع والتمسك بإعلام الإنارة وليس إعلام الإثارة، وتشكيل فريق أزمة يضم مجموعة من المحللين والمفكرين والباحثين والإعلاميين، وتوسيع دائرة المشاركة عند وضع السياسة الإعلامية بما فيها المتعلق بالجيش والقوات المسلحة، ووضع مشروع لمواجهة حرب المصطلحات وتصويبها بشكل مستمر، وتطبيق قانون الإعلام بكل تفاصيله وتعديل نقاط الضعف التي ظهرت فيه على مدى السنوات الماضية وإصدار قانون جديد لاتحاد الصحفيين يساهم في تحويل هذا الاتحاد إلى قوة مستقلة فاعلة للدفاع عن الإعلام والإعلاميين.