وجه آخر لأزمة المياه.. أسعار “الصهاريج” تتضاعف وفاتورتها تتجاوز ٦٠٠ ألف ليرة شهرياً
درعا – عمار الصبح:
تشهد أغلبية مدن وقرى محافظة درعا أزمة مياه غير مسبوقة، ازدادت حدتها خلال الصيف الحالي، وخصوصاً مع ازدياد ساعات التقنين الكهربائي، بالتوازي أيضاً مع تدني غزارة العديد من الآبار، بل وخروج بعضها بسبب الجفاف، ما جعل الاعتماد على صهاريج المياه الجوالة حلّاً لا بديل عنه لسد النقص الحاصل في مياه الشرب.
وسجلت أسعار نقل المياه بالصهاريج أرقاماً قياسية مقارنة مع كانت عليه في الصيف الماضي، إذ تراوح سعر المتر المكعب المنقول بالصهاريج ما بين ٢٠- ٣٥ ألف ليرة، ووصل سعر الصهريج سعة خمسة أمتار إلى أكثر من ١٧٠ ألف ليرة، مقابل ٥٠ ألفاً في الصيف الماضي.
وتتفاوت أسعار المياه المنقولة بالصهاريج بين منطقة وأخرى تبعاً لتوفر مناهل كافية للتزود بالمياه، ومدى قربها من مراكز التجمعات السكنية وتوافر أعداد كافية من صهاريج النقل، فضلاً عما أشار إليه مواطنون من المزاجية في تحديد الأسعار من قبل أصحاب الصهاريج، الذين استغل بعضهم الأزمة والحاجة الماسة إلى المياه، فعمد إلى رفع أسعاره ومضاعفتها بذريعة نقص المازوت اللازم للتشغيل واضطرارهم لقطع مسافات طويلة للتزود بالمياه.
مواطنون أكدوا في حديثهم لـ”تشرين” أن فرص التزود بالمياه عبر الشبكات الرئيسية تضاءلت مؤخراً، فما يجري تعبئته من خلالها – على حد تأكيدهم – لا يكاد يكفي البعض سوى لاستهلاك يوم واحد فقط، ما يضطرهم إلى شراء المياه من الصهاريج، وهو الخيار الذي بات مكلفاً مادياً، حيث وصلت فاتورة البعض منهم إلى أكثر من ٦٠٠ ألف ليرة شهرياً، هذا فضلاً عن تعذر معرفة مصدر المياه المنقولة ومدى مطابقتها للمواصفات الصحية.
وتزداد حدة أزمة التزود بمياه الشرب في المحافظة عاماً بعد آخر، في وقت لم تعد ثمة مناطق مستثناة من هذا المشهد، وذلك بالرغم من الجهود التي يتم بذلها من الجهات المعنية ومن المجتمع المحلي على صعيد حفر الآبار وتأهيل المتضرر منها وتزويدها بالطاقة الشمسية.
وأعاد البعض الأزمة إلى جملة من الأسباب، أبرزها تراجع مناسيب الينابيع وآبار الشرب وجفاف بعضها بفعل الاستنزاف الجائر الذي تعرضت له الأحواض المائية في المحافظة، نتيجة العشوائية في حفر الآبار الزراعية وقلة الهاطل المطري وعدم تعويضه للفاقد من المخزون الجوفي، إضافة إلى عدم استقرار التيار الكهربائي في المصادر المائية وتطبيق الحماية الترددية وهو ما يؤدي إلى حرمان الأهالي من المياه في توقيت ضخها.
وأشار مواطنون إلى أن ثمة خللاً في توزيع المياه في بعض المناطق وهذا ناجم – حسب رأيهم – إما عن أخطاء من بعض مراقبي الشبكات، أو عن سوء البنية التحتية للشبكات المتهالكة والتي ترفع من نسبة الهدر والفاقد المائي، إضافة إلى كثرة التعديات على الشبكة، وخصوصاً المغذية لمدينة درعا.
وفي هذا السياق، أعلنت المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بدرعا، قيامها مؤخراً وبالتعاون مع المجتمع المحلي وعمال وحدة المدينة بحملة لإزالة التعديات على خطوط الدفع الرئيسي لمشروع الإرواء المغذي لمدينة درعا في كل من التجمعات في درعا البلد وحي طريق السد والمخيم على مدار يومين متتاليين.
وكشف مدير عام المؤسسة المهندس مأمون المصري أن العمل على إزالة التعديات لا يزال مستمراً، حيث بلغت التعديات المزالة أكثر من ٧٦ تعدياً على مدار يومين على خطوط مختلفة الأقطار، وهذا العمل من شأنه أن يساعد في تحسين عملية الضخ عبر الشبكة، موضحاً أن المؤسسة تعمل على اتخاذ إجراءات لإدارة كميات مياه الشرب المتاحة وضبط عملية توزيعها وفق برامج التقنين لتلبية احتياجات التجمعات السكانية، وذلك بالتوازي مع ما تقوم به المؤسسة وبالتعاون مع المجتمع المحلي من تأهيل للعديد من الآبار ووضعها بالخدمة، بغية تحسين واقع المياه في المحافظة.