من تابع لقاء ممثل جريدة «تلغراف» مع إحدى المحطات العربية، لاحظ ببساطة مدى ارتباكه، وإحراجه، وتعثر كلماته، في إجاباته عن أسئلة المذيع، حول تحقيق الجريدة، الذي ادعت فيه أن «حزب الله يستخدم مطار بيروت الدولي، لتمرير وتخزين الأسلحة والصواريخ الإيرانية»، وطيلة اللقاء التلفزيوني الذي أجري مع «كون غوغلين» رئيس قسم الشؤون الأمنية والعسكرية في التلغراف، كان لسان حال هذا المتحدث باسم «التلغراف» يقول؛ إن جريدته كاذبة، وإن ما قام به لبنان رداً على تحقيق التلغراف فوراً بدعوة للسفراء العرب والأجانب، وللإعلاميين ومراسلي الوكالات الصحفية العالمية، لزيارة المطار والاطلاع على حقيقة أن لا وجود لأي مستودعات أسلحة، ولا صحة لكل ما جاء في تقرير الجريدة البريطانية.
لقد قام تحقيق التلغراف على أساسين اثنين؛ الأول اعتمد شهادات من مصادر مجهولة، قال إنها عبارة عن عاملين في المطار، مصدر مجهول لا نعرف مدى اطلاعها ولا نعرف أغراضها، والأهم أننا لسنا متأكدين أبداً من مصداقيتها، أو إن كانت موجودة حقيقة أم هي من ألاعيب الصحافة، أما الأساس الثاني الذي اعتمده تحقيق التلغراف كان ما أورده من اقتباس نسبه إلى «الاتحاد الدولي للنقل» والذي زعم أنه يؤيد ما ذهب إليه حول قيام حزب الله بتخزين الأسلحة والصواريخ في مطار بيروت، وعندما سئل المتحدث باسم الجريدة عن مصادره من العاملين في المطار، رد بأنه لا يستطيع كشف هويتهم، أما عن حذف الجريدة اقتباسها من الاتحاد الدولي للنقل بعد تأكيده للحكومة اللبنانية أن الاتحاد لم يدلِ بأي تصريح للجريدة، كان رد غوغلين «لا أعرف»! وبذلك فإن تحقيق الجريدة لا يملك أي أسس تعطيه أي مصداقية.
جاء تقرير التلغراف في ذروة تهديدات إسرائيلية وقحة تهدد لبنان وحزب الله بعدوان همجي، ما جعل محتواه الصهيوني بمنزلة تسويغ وتسويق وذريعة للكيان الإسرائيلي لارتكاب عدوانه على المطار، ولكن سرعة الحركة من وزير الأشغال اللبناني للرد على تحقيق التلغراف التضليلي بالوقائع، أجهضت لعبته، وكسرت أوهامه، وخاصة أن ميزان القوة اليوم بين العدو الإسرائيلي والمقاومة في لبنان، جعل مسألة إقدام «تل أبيب» على أي عدوان ضد لبنان مسألة صعبة، وشاقة ومكلفة جداً، وربما تنعكس على «إسرائيل» بنتائج فظيعة.
إن تجربة التلغراف في تحقيقها الأخير عن مطار بيروت، وصواريخ حزب الله، فيه صفحة من صفحات انخراط الصحافة في التمهيد لعدوان ما، وخلق الذرائع الكاذبة له، وتسويغ الجرائم التي ينوي ارتكابها، وفي الوقت نفسه، فإن رد لبنان السريع والعملي، والمعتمد على الوقائع والحقائق، كان تجربة باهرة في إسقاط ما حاولت التلغراف تكريسه من ذرائع للعدوان، وبذلك فإن لبنان وأد العدوان في مهده، قبل أن تكتمل ذريعته الكاذبة، وهذه من ضمن وسائل القوة التي تكسر العدوان قبل أن يقع، وهي من أسلحة إفشال الأضاليل الصحفية المؤسسة والممهدة والمسوغة لأي عمل عدواني.
تلعثم المتحدث باسم «التلغراف»، وهو يحاول أن يدافع عما نشرته صحيفته، تلعثمت معه، وسقطت صفحة من صفحات الإعلام المضلل الخادم لأي عمل عدواني، والتلعثم هنا سقوط لعدوان صحفي جائر.
د. فؤاد شربجي
130 المشاركات