منظومة الإعلام السوري على بوابة أفق جديد.. الوزير يستنهض الكوادر الوطنية.. والتشاركية وعاء استثمار ميزة “المهارة المهنية “
تشرين – خاص:
يبدو الإعلام السوري هذه الأيام، أمام انعطافة غير مسبوقة لم تعد نافلة أو خياراً ترفيهياً، بل غدت فعلاً إنقاذياً لازماً وأكثر من ذلك ملحاً.
هو استنتاج يرتكز على متوالية تفاصيل ومعطيات ترشح من داخل مقصورة إدارة القطاع، أكدها وزير الإعلام الدكتور بطرس الحلاق في حوار يمكن وصفه بـ”الساخن” اعتراه كم كبير من العصف الذهني، جرى مع ما يزيد على مئة إعلامي سوري في مبنى مؤسسة الوحدة بدمشق.
وإن لم يخل الاجتماع الموسع من تشخيصات عميقة للواقع، اتخذ بعضها طابع “جلد الذات”، إلى الانطباع العام تمحور حول ملامح تحول حقيقي بدأت وأفصح عنها الوزير الحلاق، تتعلق بإعادة ترتيب بنية الإعلام السوري، وإتاحة بيئة جديدة ستكون المنطلق والمنصة المرنة لحلحلة كافة المشكلات التي تعتري العمل الإعلامي.. بعد أن ثبت بالتشخيص أن مشكلة الإعلام لا تتعلق بتاتاً بالمهارات -ونتحدث عن المشهد الكلي لا عن تفاصيل واستثناءات- بل بمجمل الترتيب الهيكلي وما ينطوي عليه من نواظم منبثقة من تصنيف الإعلامي كموظف، وتأطيره داخل منظومة عمل عام لم تراع خصوصيته.. ولعل هذا بالتحديد سيكون محور التحول في البيئة الجديدة للعمل الجاري إنضاجها، أو نضجت تقريباً، كما هو واضح من حزمة التشريعات والأفق الجديد الذي بشر به الوزير.
وقد يكون من المهم الإشارة هنا إلى أن وزير الإعلام –الذي أثنى على فريق عمله في الوازرة- أحسن استثمار اختصاصه الأكاديمي “إدارة المؤسسات الإعلامية” وهو يعكف ويتطلع مع فريقه نحو إعادة صياغة البنية الكلية للإعلام السوري، هو –أي الوزير- الذي يعترف بالإمكانات والمهارات المهنية للإعلاميين، لكن يبدو أنه اكتشف مكمن الوجع وباشر بتظهير الإجراءات الإصلاحية بعد التشخيص.
والواقع أن الحديث عن إعلام وطني لا يمكن أن يقتصر على الشق الحكومي منه، بل لابد من تشاركية فاعلة في سياق البيئة والرؤية الجديدة لهيكلة المنظومة الإعلامية.. فما بدا واضحاً من حديث وزير الإعلام في اللقاء ذاته، أن التشاركية مع الخاص هي خيار إستراتيجي في مشهد التحول الجديد، وهذا بالفعل هو التماهي المرن مع كافة منظومات الإعلام في هذا العالم.
وهنا أمام البعد التشاركي، تبدو وزارة الإعلام -وهذه مفارقة- أول وزارة تلتقط ما أتاحه القانون رقم ٣ الخاص بإحداث وحوكمة وإدارة الشركات المساهمة العمومية والشركات المشتركة، والصادر في منتصف شباط الماضي، لبلورة إطار مقونن يتيح التشاركية مع الخاص، ونذكر أنه تم الإقرار الأولي –المبدئي- للشركة السورية للإعلام التي ستكون الوعاء الضام لسلسلة قنوات فضائية، وستليها شركات مماثلة لاحتواء الاستثمارات في مجال الإنتاج الإعلاني.. وأيضاً شركات تعنى بمجمل مجالات العمل الإعلامي ومرادفاته.
وقد تكون التشاركية بالفعل هي المخرج الآمن لمنظومة الإعلام السوري من مشكلاته، والبوابة ذات الأفق الممدود لإعادة بنائها وفق أدبيات وتقنيات وحوامل جديدة تستثمر المهارات الإعلامية القائمة، والكوادر البشرية الجاري تأهيلها أكاديمياً، إذ لا بدّ من وعاء قادر على استثمار هذه القدرات، والإعلامي السوري أثبت أنه حرفي ومتميز حتى في الوسائل القائمة حالياً، وأثبت خلال سنوات الحرب على البلاد أنه كان أحد حوامل الصمود والثبات، وهذا مأشار إليه وزير الإعلام، وربما يحظى بتوافق الجميع.