لصوص النحاس
استيقظ سكان القبو في الصباح الباكر على صوت المياه وهي تتسلل من تحت الأبواب قادمة من مدخل البناء إلى داخل المنزل، وبينما سارعت الأم والأبناء لرفع ما تيسر من فرش المنزل كي لا يتبلل ويتضرر، خرج الأب لمعرفة ما الذي يحدث.
عند بلوغه المدخل الرئيسي فوجئ بالمياه تنهمر من “الشجرة” الشبكة التي تتفرع خطوطها إلى الشقق السكنية، وذلك بعد أن تمت سرقة جميع عدادات المياه بالخلع والقص والفك، حسبما أتيح لخفافيش الظلام من اللصوص، ولم يعرف حينها كيف يتدبر أمره حتى حضر أحد الجيران إثر الضجيج الذي حدث وقام بإغلاق المأخذ الرئيسي المستعصي بعد عدة محاولات، وذلك كإجراء إسعافي يمنع تدفق المياه حتى يطلع النهار ويتم إحضار مهني تمديدات صحية لمعالجة الوضع.
الحالة نفسها تكررت في الليلة التالية في بناء مجاور، ثم أصبح معظم السكان يروون حدوث حالات مشابهة في أحياء مختلفة من مدينة درعا، ويتضح من ذلك أنّ حملة سرقة واسعة يشنها اللصوص على عدادات المياه طمعاً بالقليل من مادة النحاس التي تتكون بعض أجزائها منها.
في السياق، تكاد لا تنقطع الأنباء عن تكرار قيام مجهولين تحت جنح الظلام بسرقة كابلات نحاسية منزلية أو تعود لمدارس ومستوصفات ومراكز إدارية مختلفة، وآخرها كان يوم أمس، حيث سرق الكبل المغذي لفرع التأمينات الاجتماعية، وكذلك كابلات ارتباط محولات كهربائية بالشبكة العامة بشكل يتسبب بانقطاع الخدمة عن المواطنين، إضافة لسرقة كابلات هاتفية نحاسية هنا وهناك مخلّفة انقطاع الاتصالات عن مئات بل وآلاف المشتركين أحياناً حسب سعة تلك الكابلات.
على ما يبدو، إننا أمام أعداد متزايدة من ضعاف النفوس الذين استسهلوا الكسب غير المشروع باستباحة الممتلكات الخاصة والعامة للإنفاق على ملذاتهم الشخصية، ما يستدعي تكاتف المجتمع المحلي للوقوف في وجه هذه الظاهرة بالتعاون والتنسيق مع الجهات المختصة.
وبما أنّ التوعية لم ولن تؤثر في مثل هؤلاء مهما جرى تكثيفها، فلا بد من الإشارة بأي طريقة كانت لتعريتهم ومحاسبتهم، لأن الكثيرين منهم معروفون في محيطهم، والمداراة لم تعد مقبولة، لأنها تعني تماديهم أكثر وتفاقم الظاهرة.