طفل اليوم
ذات مرة قال بيكاسو: “أتمنى أن أدفع عمري لأتوصل للحظة من اللحظات التي يرسم بها الطفل لوحاته”.. هذه الأمنية لا يزال مجال إغوائها، واشتهائها لدى الكثير من المبدعين ولاسيما التشكيلين منهم، حتى أصبحت ميلاً وسم الكثير من التجارب الفنية. إذاً: لماذا لا يترك هؤلاء “الأوصياء” الأطفال يبدعون بأنفسهم في مختلف الأجناس الأدبية، والفنون، ذلك أن مستوى الإبداع لدى هؤلاء الموهوبين يوازي مستوى إبداع التلقي لأقرانهم الذين يتوجهون إليهم أيضاً، فقد أثبتت تجارب بعض الأطفال في الكتابة والرسم تفوقاً واضحاً على ما كتبه “الكبار” لهم، وبين أيدينا عشرات المجموعات الشعرية، والقصصية كتبها أطفال، والفنان الحقيقي اليوم؛ هو ذلك الذي يُنافس عفوية الأطفال في رسوماتهم، وهنا يُحق لنا أن نتساءل هل سبب البؤس فيما يُقدم للأطفال اليوم: من إبداع في الكتابة والفنون، سببه استبعاد الأطفال عن مشاركتهم على الأقل في الأعمال المقدمة والموجهة إليهم..؟!!
اليوم.. وأمام هذا الدور المخزي للمدرسة، التي تقارب ورشة صنائعية لتلقين المهارات، بدعم من المُدّرس الخصوصي لمساعدة الطالب بتحصيل أكبر قدر من “علامات النجاح” ليتعلم مهنة ما من خلال الجامعة، وهو الذي قضى طفولته أمام حالات بصرية مختلفة، تبدأ من برامج الأطفال “الكرتون” ومن ثم مواقع التواصل الاجتماعي، حيث الصورة التي تحد من كلِّ تلك الخيالات، والتخيلات، فأي بناء لعالم هذا “الكائن” المختلف تماماً عن ذلك الطفل الذي بنته الكتب ذات يوم..؟؟!!
سؤال مقلق عن حال الذهنية والمخيلة للطفل الذي تبنيه مواقع التواصل الاجتماعي، وعن مصير الإبداع القادم وطبيعته، بل وأهميته، لكائن كان طول الوقت بعيداً عن الكتاب الحقيقي.!!
هامش:
………..
ما زلتُ في عزلتي؛
مُفضلاً ؛
أن تأكلني الوحدة،
على أن يأكلني الحشد..
وكأنني
اعتدت الوحشة..
الآن – ربما-
أنا سعيدٌ
كذئبٍ على تلةٍ
يستأنس عواءه..