خبراء يرسمون خريطة الطريق لعودة الرساميل المهاجرة لتحريك عجلة الاقتصاد
تشرين- منال صافي:
تتجدد الدعوة من قبل الجهات الحكومية والفعاليات الاقتصادية في كل مناسبة لعودة الرساميل التي هاجرت خلال سنوات الحرب الإرهابية إلى موطنها، لأن في هذه العودة منفعة كبيرة في إنعاش الاقتصاد الذي أرهقته الحرب والعقوبات الظالمة، ولا ننسى أن السوق السورية منذ بداية الأزمة عام ٢٠١١ وحتى الآن فقدت مليارات الدولارات، ما أدى إلى تراجع الإنتاج وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية لليرة السورية وبالتالي انخفاض المستوى المعيشي لمعظم المواطنين.
بالمقابل يفصح غالبية رجال الأعمال في تصريحات إعلامية عن رغبتهم في العودة، مطلقين مشاعر الحنين، وبأنهم لم يقوموا بتصفية أعمالهم جميعها في بلدهم بل تركوا باباً للعودة، لكن العودة من هذا الباب مرهونة بتحسن الظروف، خاصة أن البلدان التي استوطنت فيها أموالهم فيها من المضايقات ما يكفي وعلى رأسها التمييز.
كل ذلك يدفعنا لاتخاذ كافة الوسائل والإجراءات اللازمة لتشجيع الأموال المهاجرة للعودة إلى الوطن والمساهمة في إعادة بنائه وإعماره.
مناخ استثماري مستقر
يقترح الدكتور علي ميا الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة تشرين القيام بمجموعة خطوات، قدمها لـ”تشرين”، أبرزها تحديد هوية الاقتصاد السوري وتحريره من كل قيود حركة الأموال والبضائع واعتماده في العمل على آليات السوق، لأنه من الصعوبة بمكان عودة أي مستثمر أو صاحب رأس مال للاستثمار في سورية في ظل وجود اقتصاد غير واضح الهوية.
ميا : منح المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال العائدة التسهيلات والامتيازات والإعفاءات من الضرائب والرسوم
وأشار إلى أهمية توفير مناخ استثماري سليم ومستقر فهو العامل الأهم في حسابات أي مستثمر محلي أو أجنبي، إضافة لتبسيط الإجراءات الحكومية والإدارية اللازمة لتنفيذ الاستثمارات والتعامل مع الجهات الحكومية المسؤولة عن هذه الاستثمارات، لافتاً إلى أهمية مناخ الاستقرار بمختلف أنواعه في البلاد فكلما ازدادت درجته ، شجع ذلك على عودة الاستثمارات ورؤوس الأموال بسرعة أكبر، فلا يمكن لأي مستثمر العودة في حال وجود حروب …إلخ، وضرورة اعادة النظر بقرار تجريم التعامل بالدولار وإلغاء الاحتكار بإجازات الاستيراد والتصدير، وتخفيض أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية بما يتناسب مع أسعارها في دول الجوار، ومنح المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال العائدة التسهيلات والامتيازات والإعفاءات من الضرائب والرسوم الجمركية كما هو في معظم دول العالم الراغبة بالاستثمار، وتوفير البنى التحتية اللازمة للاقتصاد الجديد مثل تطوير قطاع الاتصالات والنت..الخ، وتوفير الشفافية في التعاملات التجارية والمالية ومكافحة كافة أشكال الفساد.
سياسة تصحيحية
مع إن الحرب الإرهابية دمرت البنى التحتية الاقتصادية والمعامل وكانت سبباً رئيساً لهروب الرساميل إلى دول أكثر أماناً، إلّا أن هناك أسباباً أخرى فاقمت الوضع بحسب الخبير الاقتصادي جورج خزام إذ أن مفهوم الغربة الداخلية لرأس المال الوطني يعني العمل بالتجارة والصناعة والزراعة في ظروف غير مناسبة بالسوق وعليه فإن هجرة وهروب رأس المال الوطني هو النتيجة الحتمية، ولن يعود رأس المال الوطني للأسواق قبل زوال الأسباب التي كانت السبب بهجرته وهي التضييق في السوق والمصنع من حيث حركة رأس المال والبضائع.
مضيفاً أن التاجر والصناعي السوري في الخارج الذي اعتاد الحرية بحركة الأموال والبضائع لن يعود إلّا إذا توفرت له ظروف الأسواق الملائمة للاستثمار نفسها التي يعمل بها حالياً.
خزام: الصناعي الذي اعتاد الحرية بحركة الأموال والبضائع لن يعود إلّا إذا توفرت له الظروف نفسها التي كان يعمل بها في الخارج حالياً
وأشار إلى أن القرارات الواجب اتخاذها لعودة رأس المال الوطني هي تصحيح السياسة النقدية وعلى رأسها اعادة النظربالقرارات التمويلية التي كانت السبب – من وجهة نظره – بتجفيف المستوردات من المواد الأولية اللازمة للصناعة الوطنية بالإضافة لارتفاع تكاليف الاستيراد، ومعه عدم قدرة المنتج الوطني على المنافسة بالأسواق الخارجية الداخلية، وإلغاء قرار تقييد حرية سحب و نقل الأموال.
متسائلاً كيف سيعود مستثمر للعمل ويضع أمواله بالمصرف وممنوع عليه التصرف بها وسحبها بالوقت والكمية التي يريدها؟
والأهم بنظر خزام اعادة النظر بقرار الكشف عن مصدر تمويل المستوردات من مصادر خاصة خارجية، فلا يمكن أن يعود المستثمر السوري و يدخل أمواله للأسواق على شكل سيولة نقدية وبضائع إذا كان هناك تشدد بالكشف عن مصدر الأموال بشروط لا داعي لها، فلا يحق لاقتصاد يعاني من عقوبات بالأسواق أن يضع شروطاً لدخوله من الخارج.
وضرورة إلغاء قرار منع استيراد قائمة طويلة من المستوردات الضرورية لدوران العجلة الاقتصادية وتقديم التسهيلات لحركة الأموال بالمصارف وحركة البضائع على الطرقات العامة من دون اعتراض وتسهيل الاستيراد والتصدير، فهو أمر ضروري لتحريك العجلة الاقتصادية، وتخفيض أسعار الكهرباء الصناعية حتى لا ترتفع تكاليف الإنتاج، لأن ذلك يهدد المصانع بالكساد والخروج من السوق الداخلية والخارجية لعدم القدرة على المنافسة بالجودة والسعر.