حسب تفكيرنا صباحاً.. نحن من يحدد يومنا منذ بدايته

تشرين- إلهام عثمان:
اللون الرمادي هو فعلياً مزيج من الألوان المتضادة ما بين الأبيض والأسود، فإذا اجتمعت نتجت عنهما عصارة من المفاهيم المدمجة، ما بين الأفكار السلبية والإيجابية لكل شخص، والتي قد يعجز بعضنا عن إيجاد تفسير منطقي لها، لا سيما أنها بالمحصلة نتيجة أعمالنا اليومية التي تمر بنا ربما مرور الكرام.. وربما لا، فقد تتركنا بأسوأ حالاتنا، وكيف لا.. ونهارنا مدجج بالمسؤوليات والأعباء المختلفة، سواء في العمل أم المنزل، لذا فكلنا نعيشها من دون استثناء.
(م .خ) موظفة في إحدى الجهات العامة، أكدت من خلال حديثها لـ”تشرين” أنه بسبب كثرة المراجعين خلال يومها، والانتباه والدقة المطلوبة منها في عملها، لا إرادياً تصبح سلبية مع الشخص المقابل “مراجع، زميل، أسرتها”، وبسبب كثرة التفكير وردات الفعل السلبية منها بطريقة فضة أحياناً، ما يضطرها لاحقاً للاعتذار من غيرها.

خبيرة نفسية: يجب التوقف عن التفكير والضغط على أنفسنا فما حدث قد حدث فعلاً ولن نستطيع تغييره

من جهته أوضح (سائد. م)، صاحب مكتب عقاري ومتعهد بناء لـ”تشرين” أنه بسبب ورود مكالمات كثيرة إليه واستفسارات عن بعض التفاصيل في عمله مثل” مساحات الشقق، السعر، الموقع.. إلخ”، والتي تكون من دون نتيجة في معظم الأحيان بسبب الوضع الاقتصادي الراهن، فإنه في آخر يومه يشعر بالتوتر والرغبة منه في الهروب للعزلة حتى من أفراد عائلته، ويقول: أشعر بضغط كبير وسوء مزاج أحياناً، وكحلّ أخير أطفئ هاتفي ولا أتواصل مع أحد لأحظى بشيء من الراحة.

وجهة نظر
لتبدأ يومك.. لديك خياران لا ثالث لهما، إما أن تكون متفائلاً وإيجابياً أو متشائماً وسلبياً، هذا ما صرحت به رؤى صمادي اختصاصية وباحثة نفسية خلال حديثها لـ”تشرين”، وأنه في تلك الحالة ما علينا سوى اختيار ما يناسبنا.. إنها “وجهة نظر” ، هذا ما أكدته الباحثة النفسية رؤى صمادي، فمن خلال اختيارنا نحدد موقفنا، وهو انعكاس للطريقة التي نفكر فيها ونرى بها عالمنا، لا سيما أننا نحن أصحاب القرار في اختياراتنا بتحويله من يوم سيىء إلى جميل، فكل ما عليك فعله، حسب رأيها، هو فقط «تغيير الطريقة» التي نرى بها الأشياء، وتقول: فبدلاً من رؤيتها سيئة انظر إليها على أنها مجرد تجربة ودرس سيفيدك مستقبلاً لتزيد من خبرتك في مواجهة الأمور، وبالتالي تجعل منك شخصاً أقوى وأكثر إدراكاً.

ما لا يقتلنا يزيدنا قوة
وتعود صمادي لتوضح أنه وبسبب الظروف المحيطة بنا، نجهد أنفسنا دائماً بالإفراط في التفكير المزمن لإيجاد الحلول، لكن الحل الفعلي والبديل “بسيط” ، وفق رؤية صمادي، ويكون بالتوقف عن التفكير والضغط على أنفسنا، فما حدث قد حدث فعلاً ولن نستطيع تغييره، ويجب أن نلقي نظرة على الأمور التي سارت بشكل جيد ومريح ومن دون وقوع خسائر معنوية أو ربما مادية، ومحاولة التخلص من فكرة، التركيز فقط على الأشياء السلبية والخاطئة، فلا نرى الأمور الإيجابية وهذا خطأ، فاتصال أحدهم للسؤال عنك، أو تلقي خبر جميل بشأن أحد أفراد أسرتك أو الأصدقاء، هو فعلاً من الأمور الجيدة التي لا نعيرها كثيراً من الاهتمام.. لكن لابد من الإقرار بها لأنها كانت جيدة.

غذاء الروح
الموسيقا هي أفضل دواء للتخلص من يوم شاق، خاصة أنها تمنحنا شعوراً بالاسترخاء والانفراد بأنفسنا لبعض من الوقت، حسب صمادي، وبالتالي فإن الموسيقا تعمل على تحسين الحالة المزاجية، والشعور بالسعادة والطاقة البديلة عن الاكتئاب، من خلال إطلاق مادة “الأندورفين” في المخ.

الأشخاص السلبيون
آخر ما تتمناه عندما تمر بيوم عصيب، هو أن تكون محاطاً بأشخاص سلبيين، هذا ما أكدته صمادي، سواء كان ذلك من أفراد العائلة أم من الأصدقاء أو الزملاء المتشائمين، وهم قطعاً موجودون في محيطنا ولا مفر من ذلك، ما يزيد الطين بلة، ويجعلنا نشعر بالإحباط والهروب للاختلاء بالنفس أحياناً وعيش بعض الأمور كالتقليب في الهاتف وارتشاف كوب من اللبن والاستماع إلى الموسيقا، لا سيما أنه وفقاً لإحدى المقولات الشهيرة بأنه لا يمكن أن تكون لديك حياة إيجابية وعقل سلبي”.

الإنتاجية والتفاعل
عندما تكون شخصاً منتجاً وفعالاً حتى لو كنت تمضي يوماً سيئاً، لابد أن يشعرك ذلك بالرضا عن نفسك، وبتحسن كبير في مزاجيتك، وفق صمادي، لأنه هنا تحديداً لا يكون التركيز على تفاصيل سلبيات يومك، بل على الإنتاج والإبداع والقراءة والعمل على تحقيق الأهداف.

الهدف
وعن سؤال “تشرين” هل ينجح هذا الأمر مع أي شخص، وهو العمل على التركيز على الهدف تحديداً، بينت صمادي أنه عند التركيز على أهدافنا لا يكون هناك وقت للتوتر والقلق والشكوى، لا سيما أن الهدف من ذلك هو الإنتاجية، وبهذه الطريقة لو مررت بيوم صعب، حسب رأيها، فلن يزعجك ذلك كثيراً، وستشعر بتحسن كبير، خاصة مع ابتكار الأشياء والأفكار الجديدة والمفيدة للشخص وما حوله، فيصبح كل شيء آخر هو من الأمور الثانوية.

تجاوز التفاصيل
“المفهوم الأول للسعادة هو تجنب التأمل المطول في الماضي”، جملة نقرؤها من دون تمعن، من منظور صمادي، التي نوهت إلى أنه لكي يمر يومنا بسلام داخلي وسعادة لابد لنا من أن “نتجاوز” بسلاسة المواقف والأحداث التي تعترضنا والتي ربما تكون مجرد موقف أو مكالمة أو خبر أو فكرة أو تصرف من أحدهم مسيء أو مزعج، والعمل على أشياء أكثر أهمية وإيجابية وتستحق منا عناء التفكير فيها بدل الأشياء السلبية لإضفاء شيء من السحر الشخصي والفكري على اهتماماتنا ومهاراتنا في قلب الأمور للأفضل وصرفها على الأشخاص المهمين في حياتنا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار