موسكو والتأسيس لأرضية المصالحة الفلسطينية.. الوحدة مقدمة لتوحيد جهود مقاومة العدو

تشرين- هبا علي أحمد:
لن نُفاجأ إن توقفت المفاوضات مع العدو الصهيوني حول وقف العدوان على قطاع غزة والتفاصيل الأخرى المُلحقة به، فهي أصلاَ متعثرة، كما لن نُفاجأ بعدم قدرة أي طرف عربي أو دولي على لجم كيان الاحتلال عن وحشيته وجرائمه بحق أهالي غزة من قصف لمقومات الحياة إلى التهجير والتجويع واستمرار العمليات العسكرية، فالاحتلال لا يفقه إلا هذه اللغة، والأحاديث الدائرة حول هدنة مرتقبة قبل حلول شهر رمضان القادم سيغلب عليها حتماً تعنت الاحتلال حتى«تحقيق أهدافه» وسيغلب عليها أيضاً صوت معركة رفح القادمة لا محالة على ما يبدو رغم كل التحذيرات من ارتداداتها، كما أن الاحتلال يُصعد باتجاه جبهة لبنان ما يعقد المشهد أكثر ويجعل نهاية المفاوضات بلا تقدم أو فتح ثغرة في الجدار وهو المرجح إلّا إذا حدث طارئ ما ليس بمقدور أحد أن يحدد ماهيته الآن، فالضبابية تتعمق والمشهد تزداد عقده.. في مقابل هذا المشهد فإن أكثر ما يحتاجه الفلسطينيون اليوم هو الوحدة السياسية بين الفصائل الفلسطينية كمقدمة أساس لا بد منها للوصول إلى استراتيجية وطنية لتوحيد جهود مقاومة العدو، وبالتالي تصبح الجبهة أكثر قوة وفعلاً وتأثيراً ومناعة في المواجهة.

في خضم الدعم الأميركي للكيان.. تعمد موسكو إلى ردم هوة الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية بين الفصائل.. وجمعها على رؤى وتوجهات واحدة

حوار موسكو وردم هوة الخلافات
وفي خضم الدعم الأميركي الثابت لكيان الاحتلال واستمرار عدوانه على غزة، تعمد موسكو إلى ردم هوة الخلافات الفلسطينية- الفلسطينية بين الفصائل، وجمعها على رؤى وتوجهات واحدة والترفع عن الخلافات القائمة، والاتجاه نحو الحوار للوصول إلى برنامج وطني سياسي موحد، إذ ينطلق اليوم اجتماع الفصائل الفلسطينية في روسيا بحضور طرفي الانقسام الفلسطيني حركتي «حماس» و«فتح» لبحث توحيد الموقف الفلسطيني وتشكيل قيادة موحدة تعالج القضايا المصيرية في الحالة الفلسطينية، وآثار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتحدثت مصادر عن أن الحوار سيكون على مدار يومين، مع احتمالية استمرار الحوار ليوم ثالث، وأن الجانب الروسي وضع قواعد للحوار قائمة على بحث موضوع الانقسام والشرعية الدولية ومنظمة التحرير والوضع في غزة.
ورغم تشكيك البعض بقدرة الحوار في موسكو على التوصل لإبرام اتفاق مصالحة دائمة بين الفصائل وعدم الرهان عليه، فإنه في المقابل خطوة إيجابية في السياق، كما أن موسكو التي تعمد إلى التوازن بين الأطراف قد تملك القدرة إلى حد كبير على إيجاد نقاط مشتركة وصيغ توافقية قد تؤسس الأرضية لمصالحة حقيقية في حوار قادم وبرعاية روسية.
وعن الحوار قال سفير دولة فلسطين لدى موسكو، عبد الحفيظ نوفل، أمس: إن المبادرة الروسية في مكانها وزمانها، والعنوان الرئيس لاجتماع الفصائل الفلسطينية هو مواجهة التحديات في غزة، لافتاً إلى أن اللقاء يمكن أن يشكل أرضية لاستمرار المفاوضات لاحقاً، كما يهدف إلى الضغط على المجتمع الدولي لأخذ مواقف أكثر جديّة حيال العدوان الإسرائيلي على غزة.

دبابات الاحتلال تدوس على أجساد الفلسطينيين
ضربات المقاومة باقية مادام العدوان يتمدد عدوانية ووحشية ومادام العالم يغضّ الطرف عما يجري من مجازر- مع استثناءات- ضربات المقاومة التي تكبد العدو المزيد من الخسائر الأمر الذي يجبره على الانسحاب، إذ أكد مصدر في المقاومة الفلسطينية أن قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي انسحبت من حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، مشدّداً على أن قوات الاحتلال لم تنسحب من حي الزيتون إلا بعدما تكبّدت خسائر فادحة من جراء تصديّ المقاومة الفلسطينية وعملياتها.

الاحتلال الإسرائيلي يعوض خسائره بارتكاب المجازر في إطار الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يرتكبها بحق أهالي قطاع غزة

الخسائر الفادحة التي مُني بها الاحتلال في حي الزيتون، وفشله في التقدّم باتجاه وسط وشمال الحي، يعوضه دائماً بارتكاب المجازر في إطار الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يرتكبها بحق أهالي قطاع غزة، إذ ارتقى ما لا يقل عن 100 شهيد ومئات المصابين في المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في شارع الرشيد، ولفت مصدر في المقاومة الفلسطينية إلى أنّ هناك عشرات الشهداء والجرحى باستهداف «جيش» الاحتلال الإسرائيلي المواطنين الذين ينتظرون المساعدات بشارع الرشيد غرب مدينة غزة، ما زالوا داخل المنازل والشوارع في حي الزيتون، ويتعذّر الوصول إليهم حتى الآن، مشيراً إلى أنّ دبابات الاحتلال الإسرائيلي داست على أجساد المواطنين، بينما أطلقت أخرى قذائف حارقة تجاههم، إلى جانب اعتقال مئات المواطنين، كما نفذ «جيش» الاحتلال تفجيرات ضخمة داخل حي الزيتون جنوب مدينة غزة، ونسف عشرات المنازل، ودمّر مساحات واسعة من شارع صلاح الدين.

المجاعة تفتك بأطفال غزة
وفي سياق حرب التجويع الممنهجة التي يمارسها الاحتلال، استشهد 7 أطفال في مستشفى كمال عدوان بسبب سوء التغذية بعد توقف المستشفى عن العمل من جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع، وأفاد مدير المستشفى بأن توقفه عن العمل سيحرم الآلاف من حقهم في الحصول على الخدمة الطبية، مشيراً إلى تسجيل استشهاد العديد من المرضى نتيجة نقص الدواء والغذاء والوقود.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية: يوجد نصف مليون فلسطيني في شمال قطاع غزّة يعانون من المجاعة التي تفتك بأرواحهم بصمت، مؤكدة أن الاحتلال الإسرائيلي يضع سكان قطاع غزّة في مثلّث الموت المتمثّل بالاستهداف والمجاعة والأوبئة.

الاحتلال الإسرائيلي يضع سكان قطاع غزّة في مثلّث الموت المتمثّل بالاستهداف والمجاعة والأوبئة

من جانبه، أكد برنامج الأغذية العالمي أنّ سوء التغذية في قطاع غزة، وخصوصاً في صفوف الأطفال، ارتفع إلى مستويات طارئ، وحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ 90% من الأطفال و95% من النساء الحوامل والمرضعات يواجهون فقراً غذائياً حاداً «يأكلون وجبتين أو أقل في اليوم»، بينما 90% من الأطفال مصابون بواحدٍ أو أكثر من الأمراض المعدية.
بالتزامن، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ارتفاع عدد ضحايا عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ146 على قطاع غزة إلى 30035 شهيداً و70457 جريحاً.

«إسرائيل» تتوسع استيطانياً
لا يعير كيان الاحتلال أدنى أهمية لأي أحد وأي حليف، بل يمضي قدماً بمخططاته الاستيطانية على مرأى ومسمع من العالم، حيث ذكرت وسائل إعلام العدو أن «إسرائيل» ستبدأ غداً، في ذروة الحرب، سلسلة خطوات لتشريع المستوطنات في الضفة الغربية، رغماً عن إدارة بايدن، على حد تعبيرها، ويوم الأربعاء المقبل سيصادق «مجلس التخطيط الأعلى» على دفع بناء نحو 3500 وحدة سكنية يهودية في المستوطنات، وفي نهاية آذار المقبل سيتم الإعلان عن ضم 7000 دونم إضافية قرب غور الأردن.
في هذه الأثناء، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة بلدات في الضفة الغربية، واعتدت على طاقم إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني وشاب بالضرب، وتحديداً على حاجز صرة العسكري غرب مدينة نابلس، كما استشهد شاب فلسطيني من نابلس، وأصيب شاب آخر خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار