رفح آخر عناوين الصمود

يتابع العالم ليل نهار ما يجري في غزة من مجازر إسرائيلية، ويستمع لما يقوله جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي وافيخاي ادرعي الناطق باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي، لنخرج بقناعة تامة بأن الأمور لم تعد بحاجة لتحليل الخبراء واستقراء للمحللين السياسيين، وأن المجزرة الثانية قادمة لا محالة، حيث لم يعد ينطلي على كل ذي لبّ أن الهجوم بات وشيكاً على رفح كما بات التهجير على الأبواب.
وإذ يحتشد أكثر من 1,3 مليون فلسطيني، أي أكثر من نصف سكّان غزة، في رفح، وهم في غالبيتهم العظمى أطفال وشيوخ ونساء فرّوا من القصف في شمال القطاع ووسطه عقب العدوان الإسرائيلي قبل أكثر من أربعة أشهر، تتصاعد تهديدات الاحتلال باجتياح هذه المنطقة الواقعة على حدود مصر التي تعدّ أكثر أماناً بالنسبة للفلسطينيين المهجرين من القطاع، حيث تتعرّض هذه المنطقة خلال الأيام الماضية لقصف إسرائيلي متواصل، يؤدي إلى ارتقاء شهداء وجرحى.
إذاً هو السيناريو ذاته يتكرر خلال أربعة أشهر من العدوان على القطاع، المرة الأولى في غزة ومخيماتها وهذه المرة في رفح، وهي آخر معقل للفلسطينيين الذين هجرهم جيش الاحتلال، بعد أن بدأت «إسرائيل» بقيادة ماكينة الإبادة الجماعية من الشمال وبالتدريج نحو الجنوب، حتى وصلت اليوم إلى رفح مستهدفة تكدّس وتجمّع المدنيين في هذه المنطقة.
اليوم يستبطن لها العدو الإسرائيلي أمراً، ويريد بها شراً، ويتهيأ لاجتياحها والهجوم عليها، وهو يعلم كما العالم كله، أنها باتت مكتظة باللاجئين ومزدحمة جداً بالمقيمين، وأنه لم يعد فيها متسع لقدمٍ تمشي ولا لجسدٍ يرتاح، فالخيام متراصة، والأكواخ متلاصقة، وما بقي من البيوت والمنازل يغص بالمقيمين فيها، ولعل الصور الفضائية تظهر الواقع كما هو، بما لا يستطيع أن ينكره أحد، أو أن ينفيه ويتجاهله عدو، فليس في الصور مبالغة أو تهويل، وليس هناك تزوير أو تدليس.
ربما تعطي الإدارة الأمريكية الحكومة الإسرائيلية الضوء الأخضر و الأخطر لتنفيذ عمليتها العسكرية في رفح، بعد وعود كاذبة، وتعهدات وهمية غير حقيقية، لا قيمة لها ولا وزن، ولن تتمكن من حماية المدنيين أو تجنب قصفهم.. لكن، هل يستمر صمت المجتمع الدولي وصمت العالم إزاء هذه المذبحة المرتقبة والمجازر المتوقعة، ولا يحركون ساكناً لوقفه.
إن امتناع دول العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن عن اتخاذ إجراء عاجل وحاسم، سياسياً كان أم عسكرياً، لإلزام «إسرائيل» بعدم شن هجوم على رفح، يعني الموافقة ضمنياً على الهدف الذي تسعى له «إسرائيل»، ألا وهو تهجير سكّان غزّة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار