عن شباط والحب

إذاً؛ ثمة دواءٌ واحد لكلِّ هذا الحزن في العالم، وثمة ملاذٌ أخيرٌ لكلَّ هؤلاء الحزانى والمخذولين، ولصدِّ كلّ هذه الشراسة والشّر المُنتشرين في مشارق هذه الدنيا وفي مغاربها، كما في شمالها، وفي جنوبها.. ذلك ما نوهت إليه مختلف الفلسفات والفلاسفة والأديان والحكماء وغيرهم من وصل فردوس الحب..
دواء؛ أظنُّ أن اسمه من أكثر المُصطلحات تكثيفاً بين المُفردات، إنه (الحب)، وحده الشافي من كلّ أوجاع هذا العالم.. ورغم بلاغة التكثيف، بقي أمرُ تحقيقه يُشبه المستحيل.. ومن ثمّ كان نيله كضربٍ من الأماني البعيدة المنال.. ألهذا بقيت هذه القسوة التي تصل لمراحل الوحشية في بعض أنواع سلوك البشر أم الدول هي السائدة منذ أن وعى البشر – أي امتلكوا وعيّاً – دون أن يوصل ذلك الوعي سوى القليل منهم إلى مصاف الإنسانية؟، ذلك أن الإنسانية والمحبة وجهان للجمال والسلام الخالصين عينه، ومن نافل القول إنّ “الإنسانية” أمرٌ مختلف عن البشرية، بل ليست حكراً لمن استطاع الوصول إليها من البشر.. فشجرةٌ مثمرة تُقدّم فيئها لكلِّ تعبان، أو تمنح ثمرها لكلِّ جائع هي من ملامح الإنسانية العالية، وكذلك ما يفعله نبعُ ماء، أو ساقية لعطشان في أيام آب جميعها أفعالٌ إنسانية..
نتحدثُ اليوم عن الحب، باعتبار إنّ (شباط) رغم كل مزاجيته، التي تُشبه مزاجية العُشّاق والعاشقين، من سماته إنه ارتبط بـ”مواسم” الاحتفالات بعيد الحبّ – أليس ما يدعو للرثاء والحزن على هذه البشرية التي تحتفي بالحبّ بيومٍ واحدٍ في السنة؟! – هنا يؤسفنا أن نُذكّر أن ثمة فهماً خاطئاً لـ”قانون الغاب” – على سبيل المثال – الذي غالباً ما يؤخذ كمُعادل لسوء تطبيق البشر قوانينهم في العدل والإنسانية وحتى في الحب.. فلم يُعرف عن حيوانٍ في الغابة أو في الصحراء وحتى في أعلى الجبال أن غدر بالجميع ليستولي على كامل الغابة، أو الصحراء، أو الجبل.. وحدهم أبناء البشر الذين استبدَّ بهم الطمع والجشع والضغينة والأنانية الذي يدفع بأحدهم ليستولي على كلِّ شيء.. ومن هنا فإنّ نعت أحدهم بـ”الحمار”، ربما فيها الكثير من أذى لمشاعر الحمار في التشبيه الخاطئ، أو نعت أحدهم بـ”الكلب”، والذي يعجز الكثيرون عن الوصول إلى الدرجات الدنيا من وفائه، فهو نعتٌ ربما في الكثير من الإهانة لمعشر الكلاب..
– يُتبع حتى نهاية شباط –
هامش حبّ:
أغمضي
بأصابعكِ
عيونَ هذا العالم،
وكَـنايٍ قصيٍّ؛ أعيدي قلبي إلى المراعي،
وعلى سفح هذا الليل الشهيّ،
بطعم النبيذ ورائحة البخور؛
تعالي
نرسمُ للأغاني
طعمها القديم
بلون الميجنا والعتابا..
ريثما
يلوّحُ لنا صباح.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار