«وورلد سوشاليست».. مذابح غزة تتم بـ«هندسة» أميركية
ترجمة وتحرير- لمى سليمان
تحدثت وكالة «رويترز» يوم الجمعة الماضية عن ألف قنبلة تزن 2000 رطل أرسلتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى الكيان الإسرائيلي منذ تشرين الأول الماضي، لاستخدامها في الإبادة الجماعية في غزة، وتعد هذه القنابل من بين أكبر القنابل في الترسانة الأمريكية، وهي قادرة على تدمير مجمعات سكنية بأكملها في المدينة ويمكن أن تقتل الناس على مسافة تصل إلى 1200 قدم.
وكشف تقرير رويترز- الذي أظهر لأول مرة التوزيع الدقيق لشحنات الأسلحة الأمريكية إلى «إسرائيل» – أن إدارة بايدن هي المسؤولة عن إرسال قنابل تزن 2000 رطل أكثر من جميع أنواع القنابل والصواريخ الأخرى مجتمعة إلى «إسرائيل».
وحسب موقع «وورلد سوشاليست» الأميركي، فإن التفسير الوحيد لإرسال الولايات المتحدة الكثير من هذا السلاح المدمر لاستخدامه في منطقة حضرية مكتظة بالسكان هو أن إدارة بايدن تسعى جاهدة للتدمير الكامل لغزة ولذبح أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.
وفي الواقع، فإن الحرب الإسرائيلية على غزة قد تمت «هندستها» في واشنطن لتكون حرب إبادة، لأن التدمير الممنهج لمنازل المدنيين والمدارس والمستشفيات ليس نتيجة ثانوية عرضية، بل هو هدف مُسبق للسياسة الأمريكية والغرض منه ليس تقليل عدد القتلى المدنيين، بل تعظيمه، وهي بالفعل إبادة جماعية مصممة و تم التخطيط لها وتنظيمها في واشنطن.
وتابع الموقع: في حين دعمت الطبقة الحاكمة الأمريكية بأكملها الإبادة الجماعية، يجب على الطبقة العاملة – القوة الاجتماعية التي تصنع كل ثروة المجتمع – أن تعارض المذبحة الوحشية للفلسطينيين وأن تناضل من أجل حمايتهم.
وحسب المؤشرات المعلنة، فإنّ العدد الرسمي لشهداء غزة، والذي يبلغ 37,765، هو أقل بكثير من العدد الحقيقي. وقبل ما يقرب من أربعة أشهر، قدر الناشط السياسي رالف نادر أن هناك ما لا يقل عن 200 ألف فلسطيني لقوا حتفهم حتى الآن، وأن الحصيلة تتسارع كل ساعة، ومنذ ذلك الحين، تعمقت المجاعة المتعمدة للسكان.
في حين أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية يوم السبت الماضي بوجود خطة لنقل سكان غزة إلى سلسلة من معسكرات الاعتقال، ليتم بعدها تهجيرهم وسجنهم بشكل دائم.
وتحت عنوان «في رؤية لما بعد الحرب..غزة مقسمة إلى مناطق أمنية» أفادت «وول ستريت جورنال» عن خطة أمريكية إسرائيلية لإنشاء «ملجأ مؤقت» على شكل «جزر جغرافية مسيجة تقع بجوار أحيائهم ومناطقهم تحت حراسة الجيش الإسرائيلي».
ويضيف «وورلد سوشاليست»: لقد صدمت هذه الوحشية في الإبادة الجماعية التي ترتكبها الولايات المتحدة و«إسرائيل في غزة الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، وباتوا يتساءلون: لماذا ترغب حكومة تصف نفسها بـ «الديمقراطية» في أن ترى إبادة أو سجن مجموع من السكان يبلغ عددهم مليوني نسمة؟
والجواب، حسب الموقع يكمن في السياسة العالمية للإمبريالية الأمريكية، وفي مواجهة تراجع هيمنتها الاقتصادية، إذ ترى الطبقة الحاكمة الأمريكية أن تفوقها العسكري النسبي هو السبيل الوحيد للحفاظ على هيمنتها الجيوسياسية، ولذلك فقد حرضت الإمبريالية الأمريكية بشكل كبير على الحرب الروسية -الأوكرانية.
وفي الوقت نفسه، تستعد إدارة بايدن بقوة للحرب مع الصين، فقد أعلنت الإدارة «عقداً حاسماً» حيث ستسعى الولايات المتحدة إلى إنشاء «نظام عالمي جديد» من خلال استخدام القوة العسكرية الساحقة والعنف.
وفي سعيها إلى خلق نظامها العالمي الجديد، تؤكد الإمبريالية الأمريكية أنها ستكون بلا رحمة على الإطلاق، وأنه لا توجد حدود لعدد الأشخاص الذين ترغب في قتلهم.
وفي حلقة نقاش عقدت في شهر أيار، يضيف الموقع، دافع الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي علناً عن القتل الجماعي للمدنيين وأضفى الشرعية عليه، معلناً بفخر قتل الولايات المتحدة للكثير من الناس. وأعلن زميله في اللجنة، الرئيس التنفيذي لشركة بالانتير، أليكس كارب، أنّ الاستعداد لتكون شرساً هو أمر واجب..«عليك أن تكون على استعداد لكي تخيف خصمك».
وتؤكد هذه التصريحات أنّ الجنرال والمدير التنفيذي يرددان كلمات أدولف هتلر لموظفيه بأن القوة تكمن في السرعة والوحشية.
ويضيف الموقع: إنّ الإمبريالية الأمريكية الآخذة بالتعفن ترى أن السبيل الوحيد للخروج من أزمتها التاريخية هو بتأجيج العنف والوحشية، فالحرب العالمية الثالثة التي تخطط لها ستشهد استخداماً غير محدود فعلياً للعنف على نطاق واسع.
ومن هذا الواقع توصل الموقع إلى نتيجتين أساسيتين:
الأولى، أنه من المستحيل معارضة الإبادة الجماعية في غزة من دون بناء حركة جماهيرية تبدأ بالطبقة العاملة للتحرك ضد الانفجار العالمي للحرب الإمبريالية.
فشخصيات مثل السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز وعضو الكونغرس ألكساندريا أوكاسيو كورتيز قد جمعوا ما بين الانتقادات اللفظية لحكومة نتنياهو وبين الدعم العلني للحرب الأمريكية المتصاعدة ضد روسيا وخطط الحرب ضد الصين.
في الواقع، فقد أوضحت إدارة بايدن أنها تخوض صراعاً واحداً على مستوى العالم، ويشكل الدعم للإبادة الجماعية في غزة عنصراً أساسياً فيه.
والنتيجة الثانية تكمن في أنه من غير المجدي مناشدة بايدن أو أي فصيل من المؤسسة السياسية لوقف الإبادة الجماعية بالرغم من محاولة العديد من الاحتجاجات المناهضة للإبادة الجماعية في غزة، مناشدة بايدن والديمقراطيين أو الضغط عليهم لتغيير المسار، لكن انتقادات بايدن العلنية لـ«القصف العشوائي» من قبل الكيان الإسرائيلي ليست أكثر من مجرد غطاء لدعمه الكامل لـ«إسرائيل» لقتل أكبر عدد ممكن من سكان قطاع غزة.
وبايدن في الواقع، كما يؤكد الموقع، هو «مهندس» ومصمم الإبادة الجماعية، ونتنياهو هو السفاح المأجور لديه، مذكراً بأن بايدن كرر بلا توقف خلال مسيرته السياسية جملته الشهيرة التي تقول: «لو لم تكن إسرائيل موجودة، لكان علينا أن نقوم بإنشائها”.
ولهذه الأسباب، فقد دعا موقع «وورلد سوشاليست» جميع العمال والشباب الذين يتفقون مع مبادئه المناهضة للإبادة في غزة إلى الانضمام إلى فريقه في واشنطن يوم 24 تموز حيث ستكون هناك هناك زيارة متوقعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن العاصمة في الرابع والعشرين من تموز لتقديم تقرير مرحلي عن إبادة الشعب الفلسطيني إلى جلسة مشتركة للكونغرس والحصول على مزيد من التعليمات حول المرحلة التالية من الإبادة الجماعية.
وجدد الموقع الدعوة للعمال والشباب في جميع أنحاء الولايات المتحدة إلى القدوم إلى واشنطن العاصمة في 24 تموز الجاري للتظاهر ضد هذا التمجيد العلني للإبادة الجماعية في عاصمة الإمبريالية العالمية، مؤكداً أنه ومع مرور كل يوم، يتعرض سكان غزة للتجويع بشكل منهجي، ويحرمون من الرعاية الطبية ويقتلون بالمئات.
وأضاف الموقع أن هذه المظاهرة والاجتماع في 24 تموز، الذي ينظمه الموقع مع حزب المساواة الاشتراكية، يأتي احتجاجاً على «إبادة جو» بايدن والحكومة التي يرأسها، وليس مناشدة لهم للتوقف وسيعمل التجمع على إقامة منتدى للعمال والشباب لوضع إستراتيجية بشأن الطريق إلى الأمام في الكفاح ضد الإبادة الجماعية في غزة واندلاع الحرب الإمبريالية على نطاق أوسع.
فبعد تسعة أشهر من القتل الجماعي في غزة، لا بدّ من استخلاص دروس محددة وهي أن النضال ضد الإبادة الجماعية في غزة هو النضال ضد الانفجار العالمي للهمجية الإمبريالية، والتي تعبر في حدّ ذاتها عن أهم خصائص النظام الرأسمالي، لذلك، فإن النضال ضد الإبادة الجماعية في غزة هو بالضرورة نضال الطبقة العاملة العالمية ضد الرأسمالية.