المنطقة «تمطر» مبادرات أوروبية – أميركية لإنزال الكيان الإسرائيلي عن شجرة الأهداف والأوهام

تشرين – راتب شاهين:
لايزال المشهد الدامي هو ذاته في قطاع غزة المحاصر، تزداد فيه أيام الوحشية الصهيونية، فيزداد عدد الشهداء ويزداد الدمار، هذا المشهد بدوره يشكل دوافع لتتصاعد روح المقاومة التي خبرت بالتجربة أن الحوار مع ترسانة هائلة من الأسلحة المدعومة من أقوى وأغنى الدول في العالم، لابد لها من معادلة تكسرها وتدميها – أي التصاعد في المقاومة وفي الصبر الاستراتيجي كسبيل وحيد لتثبيت الحقوق والوصول إليها بالنقاط، إلى حيث تصل أقدام ورصاص المقاومة.
ففي ظل انشغال العالم الغربي «ناتو» بترددات الحرب في جبهته الأوكرانية، وكذلك انشغال بعض دول الإقليم بالرد على الاعتداءات الصهيونية، وبعضها الآخر في الإقليم منشغلة بالترفيه والاحتفالات والغناء، واصلت الطائرات الإسرائيلية قصفها في اليوم الـ108 من الحرب على قطاع غزة مخلفة العشرات من الشهداء ومئات الجرحى.

الاحتلال ارتكب وعلى مرأى الجميع 15 مجزرة خلال 24 ساعة ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 178 شهيداً و293 إصابة

مع كل هذه المتناقضات في الإقليم، فإن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب وعلى مرأى الجميع ممن يريد أن يعير لحظات من انتباهه، 15 مجزرة بحق العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 178 شهيداً و293 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية لترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى أكثر من 25105 شهيداً و62681 إصابة منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وكان لخان يونس هذه الأيام حصة الأسد من الهجمة الشرسة للكيان الإسرائيلي، إذ وسّع الاحتلال الإسرائيلي عمليته البرية بشكل لافت في محافظة خان يونس خاصة في الأجزاء الجنوبية والغربية.
ومن جملة الاعتداءات الإسرائيلية، فقد أطلقت قوات الاحتلال المتوغلة النار في محيط جامعة الأقصى غرب خان يونس، التي تضم الآلاف من النازحين من مختلف مناطق قطاع غزة، كما تسيطر دبابات الاحتلال بالنار على مباني الجامعة.

استئناف مفاوضات صفقة الأسرى
وفي الجهة المقابلة للميدان المشتعل، يبدو أن عجلة المفاوضات لصفقة تبادل للأسرى بدأت بالتحرك متثاقلة، على وقع الصراع الداخلي في الكيان العبري والضغوط الأميركية الشكلية عليه، إذ «تمطر» هذه الأيام مبادرات أوروبية وأميركية، لاستئناف مفاوضات تبادل الأسرى لإنقاذ الكيان الإسرائيلي من الهزيمة المدوية، وإنزاله عن شجرة الأهداف العالية التي صعد إليها منذ بداية العدوان على غزة.
فقد ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن المحادثات بين الكيان والمقاومة بشأن الخطوط العريضة لإبرام صفقة تبادل أسرى قد استؤنفت.
وحسب التقرير يحاول الوسطاء إيجاد صيغة تسمح بإتمام الصفقة مع التعتيم على الشرطين اللذين وضعهما الطرفان – الكيان والمقاومة – واللذين أديا إلى الطريق المسدود، أي الطلب الإسرائيلي باستمرار الحرب بعد الصفقة، ومن ناحية أخرى مطالبة المقاومة الفلسطينية بإنهاء الحرب والانسحاب الكامل لجيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة.

ثرثرة في القارة العجوز عن حل «الدولتين»
ومن العجوز – القارة الأوروبية – يأتينا العجاب، فبعد عقود من تبرعات و«التزامات» خيالية بين مالية وتسليحية ومفاعل نووي«ديمونا» للكيان الإسرائيلي، ودفاع عن جرائم الكيان في المحافل الدولية وحشره في المنظمات الدولية لجعله كياناً «طبيعياً»، بعد كل ذلك يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عواقب رفض صبيهم الضال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حل «الدولتين».
لكن أي حل لـ«الدولتين» بوجود المستوطنات التي يتم الصمت عليها، أليست عثرة تكذب الادعاءات بتبني مثل تلك الحل؟..«دويلة» فلسطينية مقطعة الأوصال! من سيقبل بهذه المهزلة؟ أليست هي خدعة لتنويم الكثير من الدول والشعوب؟ هذا ما يروج له من يدعم الكيان ومن استطاب النوم مبكراً.
هذا الحل الخيالي الذي تدفعه الدول الداعمة للكيان إلى الواجهة، كلما حصر كيانهم في الزاوية، والذي عاد الآن بقوة بعد «طوفان الأقصى» الذي فاجأ الكيان وداعميه، بهذه المبادرة التي لم تخطر على بال من يخطط في جيش كيان الاحتلال لمواجهة المقاومة الفلسطينية وأساليبها المتغيرة حسب الميدان.
صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية ذكرت أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون اليوم «الإثنين» عواقب رفض نتنياهو إقامة دولة فلسطينية.
مقاتلات بريطانية في الحرب على غزة
قبل سطور قليلة تحدثنا عن النقاش السفسطائي للاتحاد الأوروبي، والثرثرة المستدامة عن «السلام» في الشرق الأوسط، وعن عواقب رفض الكيان الإسرائيلي المشاركة، كما يسميها الاتحاد الأوروبي بـ«رؤية السلام المقترحة»، كشفت صحيفة بطلان هذا التبني لما تسميه «سلام» في المنطق حيث كشفت صحيفة «ماليتاري ووتش» عن وجود أدلة جديدة تؤكد أن القوات المسلحة البريطانية قدمت دعماً كبيراً للجيش الإسرائيلي أثناء معاركه الدائرة في فلسطين، وذلك خلال رحلات المراقبة الجوية فوق قطاع غزة.

أميركا تنشر طائرات من دون طيار لمراقبة غزة ونقل المعلومات الاستخبارية إلى جيش الاحتلال

هذا إضافة إلى دعم الولايات المتحدة الأميركية للكيان، فقد أكدت الصحيفة أن واشنطن كشفت في تشرين الثاني 2023 أنها نشرت أيضاً طائرات من دون طيار من طراز «إم كيو – 9 ريبير» لمراقبة غزة ونقل المعلومات الاستخبارية إلى جيش الاحتلال.
كما تشارك واشنطن بعمليات الاغتيال في المنطقة، من خلال ما تقدمه وكالة المخابرات المركزية الأميركية من معلومات استخبارية عن مواقع القادة الفلسطينيين لدعم محاولات الاغتيال الإسرائيلية المستمرة، وأفادت الولايات المتحدة الأميركية أيضاً بأنها نشرت قوات خاصة للقتال في مسرح العمليات، ما يؤكد أن واشنطن طرف في القتال لا يصلح كوسيط في المفاوضات أو كراعٍ للهدن بين الكيان والمقاومة.

من جديد.. المراكز الطبية في خطر
لا يدع الكيان العابر في فلسطين أي فرصة، إلا ويعبر عن نفسه ككيان همجي خارج عن الشرعية الدولية، هذا الكيان الوليد من المؤامرة، والمشوه الخلق والأخلاق، والذي بدأ بمجازر كثيرة ضد العرب في فلسطين على أيدي عصابات مثل «الأرغون» و«شتيرن» و«الهاغانا»، التي شكت ما يسمى «إسرائيل»، إي إن صُلبها عصابات إرهابية، هذا الكيان واصل ما بدأ به وما عرف عنه باستهداف المستشفيات.

الأمل معقود على المقاومة وعلى صبرها الاستراتيجي كممر وحيد للحصول على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني

جمعية الهلال الأحمر قالت: إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تقترب من مستشفى الأمل وسط مدينة خان يونس بالدبابات والآليات الثقيلة، مضيفة: انها فقدت الاتصال كلياً بطواقمها في خان يونس من جراء الاجتياح البري.
وأفادت مصادر محلية، بأن آليات الاحتلال العسكرية تحاصر مجمع ناصر الطبي في خان يونس من ثلاث جهات، بالتزامن مع قصف متواصل في محيط مستشفى ناصر.

كلمة أخيرة
إن إطالة مجموعة دول العدوان على غزة حرب الإبادة، والمماطلة في التفاوض ورفع السقوف، لهما غاية وحيدة هو «إنهاء» المقاومة وتهجير بيئتها الحاضنة، وهذا العدوان لم يفقد الأمل بذلك، وما حديث الهدن في جانب منها إلا للخداع، فنكثهم للعهود كثير وسلطتهم الدولية تمنحهم المرور بلا حساب، لهذا فإن الأمل معقود على وعي المقاومة وعلى صبرها الاستراتيجي كممر وحيد للحصول على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فالمقاومة من هذه الأرض ولا خيار آخر لها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار