جوائز أدبية

إعلانٌ عن مسابقة أدبية خاصة بالقصة القصيرة! ولكل مسابقة شروط ومحدِّداتٌ تتعلق بالموضوع وربما الحجم (عدد الكلمات مثلاً) وأولُ موعد للاستلام وآخرُ تاريخ أيضاً لهذا الاستلام، ثم بعض الإيضاحات عن لجنة التحكيم! كان الإعلان على صفحة كاتب، ورغم حجمه الصغير تضمن خطأ في إعراب الأعداد لا يرتكبه تلميذ ابتدائي في مدارسنا لأنه يتعلم باكراً إعراب “العقود”: “العشرون”…حتى “التسعين” وعلى صفحات التواصل الاجتماعي لا يصحُّ الخطأ المطبعيّ، لأن النص تتمّ مراجعته وتصحيح أخطائه بمنتهى السهولة لا كما كانت صعوبات المطابع والأحبار والحروف والكلمات! لكن الكاتبَ المعلِن ترك الخطأ رغم التنبيه إليه وواصل نشر الإعلان، الذي لم يعد “بدعة” في عصر هيمنةِ “وسائل التواصل الاجتماعي” حتى وسَمَتْه بنفسها وصار الإعلان عليها مقوْنناً وله مؤسساته الخاصة!
فشل الإعلان في صناعة مسابقةٍ أدبية كما أعلن الكاتب نفسه على صفحته بعد أيام، لكن المسألة ليست هنا، بل في “حالة” المسابقات ذاتها، إذ بعيداً عن هذا الكاتب الظريف الذي أعلن عن ضعفه الشديد في قواعد لغته في كل كتاباته “الأدبية” على “الفيسبوك” وليس في إعلانه فقط، تعاني المسابقات والجوائز معها من “ظواهر” تستحق الدراسة المتأنية! فهناك مسابقات تعلنها جهاتٌ رسميةٌ مشهودٌ لها بالعلو ورزانة المعايير، لكن ثمارها غير جديرة على الإطلاق، بتاريخها العريق، فبعضُ الروايات المشاركة التي تفوز بمسابقةٍ تحت اسم روائي كبير تسيء لهذا الروائي بمستواها الضعيف وبنيتِها الهشة، ونسْبُ هذه الروايات المتواضعة إلى روائيٍّ صارت بلده تُنسَبُ إليه، لن يعطيها قيمةً إلّا في لُحيظات قليلة، يرى القارئُ بعدها أيَّ إساءة ارتُكبت بها، بحق الروائي الكبير والرواية بشكل عام! وفي مكان آخر من مسألة المسابقات والجوائز سنرى “الإيديولوجية” المتحكمة بها وترويجها وتكبيرها لسبب لا يمتُّ إلى الإبداع بصلة، بل يخدم فكرةً سياسية بحتة، وهنا أيضاً لا يمكن إهمال المسابقات التي تُقام لتشجيع المواهب “الصغيرة” التي نرى فيها نشاط الكبار في المشاركات “المَعْمية” وراء الظلال باسم هؤلاء الصغار بحيث يصعب في أحيان كثيرة استخدام العدسة المكبّرة لمعرفة الكاتب الحقيقي وكم عمره ما يجعل “الجائزة” نفسها مزوّرة وغيرَ ذات قيمة إلّا في “ورشة” المعالجة التي أقيمت من أجل استلامها وترقيمها ثم عرضها على لجنة التحكيم!
هذه المسابقات ضرورية؟ يبدو أن نعم، مثلها مثل كل مسابقات الإنتاج في غير مادة من مواد الطبيعة، لكنها ليست نقية ولا ناجزة وفيها الكثير من العيوب ما يجعل بقاء “الزمن” شرطاً أوّلَ لتقييم العمل الأدبي وإعطائه حقَّهَ في البقاء والنقاء والتأثير!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار