الحبلُ القصير 

ذات يوم من صيف عام ٢٠٠٨ كان عنوان زاويتي نافذة للمحرر يوم الأحد، إذ كان دوري الأسبوعي في كتابة الزاوية على الصفحة الثانية في تشرين (الصدق منجاة) وذلك على خلفية تحقيق أجريته في إحدى المؤسسات الكبيرة.. بعد نشر التحقيق اكتشفت أن مدير تلك المؤسسة أعطى معلومات غير دقيقة وغير صحيحة.. فكان أن نشرت تلك الزاوية التى تركت أصداء إيجابية وسلبية.. المهم أن الأخبار غير السارة التي بدأت تتوارد عن السرقات والمناقصات المشبوهة في تلك المؤسسة.. وإذلال كل من يعارض تلك القامة الفاسدة لا تعدّ ولا تحصى.. أقسم إني لم أوفر حالة موثقة من الفساد في تلك المؤسسة إلا ونشرتها، وأنا مرتاح الضمير .. منها على سبيل المثال التوقيع على مناقصة لمتعهد وإعطاؤه أمر المباشرة وتسليم الموقع .. على (كاسة شاي)..؟!
ذات مرة انبرى الوزير المختص للدفاع عن تلك القامة الفاسدة متوعداً بإقامة دعوى قضائية بحقي، وأنه سيتابعها.. نقلت الصديقة مديرة المكتب الصحفي في الوزارة المعنية الرسالة الآتية: إذا كانت لديك وثائق تثبت ما تكتبه في الصحيفة فيرجى تقديمها الى الوزارة، وإلا فإن سترفع بحقك دعوى قضائية، وتتابع من الجهات المعنية إضافة إلى (شرطين لن أذكرهما) بسبب قساوة الرد عليهما، ولأنهما سيكشفان من تكون الوزارة والمؤسسة التابعة لها.. المهم أبلغت الصديقة أن توصل رسالتي وكانت: كل كلمة كتبتها عن هذا المدير موثقة مئة في المئة.. ولن أقدم وثيقة واحدة إلا للقضاء بسبب انعدام الثقة، ولأن القضاء ليس ملكاً لأحد، لا له، ولا لغيره ..بعد إزاحة الغطاء الذي وفره له مسؤول بارز، وبعد تغيير حكومي، تمت الإطاحة بالفاسدين لينعما بما سرقت أيديهما.
في اليوم الذي نشرت فيه الزاوية، اتصل المدير معاتباً.. مهدداً .. متوعداً.. قلت له أمامك ثلاثة طرق الأول: أن ترسل رداً، وسنتولى التعقيب عليه، أو أن تلجأ للقضاء أو ننزل الى الشارع (نتباكس).. المهم أنه لجأ إلى القضاء، وتنازل لاحقاً عن الدعوى.
الى من يريد أن يدخل الجنة: لقد وهبنا الله أذنين وعينين وفماً واحداً لنقول به حقيقة ما نسمع ونرى، خاصة أن بين الحق والباطل أربع أصابع.. فقط لاغير.. ولندرك أن هناك الكثير ممن يمتهنون الكذب، هدفهم الأول الإيقاع بالصادقين، فقد قال سبحانه (إذا جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا) فكيف إذا ما صدرت قرارات بناء على كذبة من هنا.. أو افتراء من هناك..؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار