بيضة ورغيف!!

كم تعاطفت مع أختي بعد أن قام اللصوص بسرقة دجاجاتها مرتين، يفصل بينهما أسبوع بالتمام والكمال، إذ لم يتبق عندها صوص واحد يخبرها عن السارقين.
أخبرتني منذ أيام أنها بدأت بترميم ( صيصانها ) بطريقة الاستعارة من المقربين، إذ قامت بتحطيم (القن) الذي بنته في الحديقة، ونقلت ( الرزق ) الى سطح المنزل.. عندما قام اللصوص بسرقة دجاجاتها، عددت نفسي أول الخاسرين، إذ كانت ترسل لي ( كام بيضة بلدية) كل فترة؟ ولأن البيض البلدي معروف بفائدته – وندرته – وارتفاع سعره عن بيض (الفقاسة) فقد قررت الامتناع عن شراء البيض مدة أسبوع، ولبست الأسود حداداً على الديك البلدي الذي وعِدت به لاحتفال البربارة القادم، إذ كان هذا الديك ( يعتق ) لهذه المناسبة، وبعد سرقته قمت بتوزيع الحنطة والحمص على المحتاجين والفقراء بعد أن تيقنت أنه لا يوجد ديك بلدي للبربارة هذا العام .
منذ نعومة أظفارنا نعلم أن البيض من الوجبات الغذائية ( الراقية ) لأننا من البيئة الريفية التي تمتهن الزراعة والرعي وتربية الحيوانات والطيور .. ولأننا كذلك فقد كنا نسرف في استهلاك البيض البلدي والأجبان والألبان لدرجة أن أحد الجيران طلب من ضيوفه من (الحضر) أن يكثروا من البيض في لقمة الخبز، وأن يتناولوا اللبن بالملعقة وليس بالخبز كما العادة .
اليوم، وبسبب ارتفاع سعر البيض، وندرة البلدي منه، تجاوز سعر البيضة الواحدة ١٣٠٠ ليرة في أبشع تطبيق لقانون العرض والطلب وفي تجاوز لكل القوانين الاقتصادية منذ أيام كارل ماركس إلى اقتصاد السوق الاجتماعي .
أول من استفاد من هذه الندرة – ذات التكلفة المرتفعة هو المؤسسة العامة للدواجن ولجنة مربي الدواجن .. هؤلاء جميعاً أكدوا أن ارتفاع أسعار الأعلاف والتصريح عن خلو مستودعات المؤسسة من الذرة الصفراء ..كل هذا شكل رافعة كبيرة لتجاوز كل القوانين الاقتصادية المعروفة ، ورغم تعهد مربي الدواجن بتخفيض الأسعار، لكن ذلك بقي كلاماً في الهواء ينتقل من محطة إلى أخرى من دون فعالية تذكر ، بعد أن كانت البسطات تنتشر في المدن – خاصة التي كان ينادي صاحبها (بيضة ورغيف) .. فقد تلاشت، ولم تعد موجودة بعد أن صار البيض نادراً والخبز أصبح سياحياً والرزق على الله!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار