فوبيا العسكرة

المتتبع لأخبار ميزانيات العسكرة في العالم يلاحظ بما لا مجال للبس فيه هوس الحكومات والدول في زيادة موازناتها العسكرية بشكل غير مسبوق من قبل.
قد تكون بعض الدول محقة في إيلاء هذا الجانب أهمية كبيرة، نظراً لما يتهددها من مخاطر وأطماع ومعرفتها بأن تقدمها الاقتصادي وحفاظها على استقرارها رهن بوجود قوة عسكرية مناسبة تحميها، كما تفعل الصين حالياً، بعد أن أيقنت بأنها في عين العاصفة التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية لفّها بها.
زيادة الموازنات العسكرية للدول والحكومات بشكل معقول وللدفاع عن الذات أمر مبرر ومقبول، بل تتحتم على هذه الدول تقوية جيوشها للدفاع عن شعوبها، خاصة إن كانت تواجه تهديدات معلنة، كالتي قامت بها الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا من خلال تحالف «أوكوس» لتطويق الصين أو التضييق عليها.
أما زيادة الموازنات العسكرية بهدف الهيمنة والسيطرة، فهي «فوبيا العسكرة» التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود ومن دون أن تكون مهددة من أي دولة من دول العالم، بل إن كل دول العالم تحاول جاهدة خطب ودّها ومدّ يد «الصداقة» لها، والمتتبع لما يسمى ميزانية الدفاع السنوية على مدار عقود من الزمن يلاحظ القفزات الهائلة في أرقام المليارات المرصودة للحرب أو للتلويح بها حتى وصلت ميزانية الحرب الأمريكية اليوم إلى ما يعادل ميزانيات الدفاع لكل دول العالم مجتمعة تقريباً.
في آخر زيادة للميزانية، التي أقرتها «البنتاغون» بانتظار تصديقها من الكونغرس الأمريكي، بلغت 836 مليار دولار بزيادة على العام الماضي بحدود 18 مليار دولار، وهذا كله يدلّ على أن الولايات المتحده تضع نصب عينيها المواجهة أو استعراض القوة لتثبيت هيمنتها على العالم بالقوة العسكرية، وأن مسألة الشراكة والتفاهم والمصالح المشتركة التي تطرحها عليها القوى العظمى الأخرى كروسيا والصين ما هي إلّا نفخ في قُربة مثقوبة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار