على حافة الصراع

سياسة الهروب إلى الأمام سياسة أمريكية قديمة انتهجتها الولايات المتحدة وإداراتها المتعاقبة على مرّ العقود الماضية، حين تريد هذه الإدارات الخروج من عنق الزجاجة ومعالجة الأزمات الداخلية أو إعادة التوازن المختلّ لديها.
وعلى مدار السنوات، التي تلت الحرب العالمية الثانية من خمسينيات القرن الماضي وبداية القرن الحالي، نجد أن الإدارات الأمريكية شنّت العديد من الحروب لتكريس هيمنتها على العالم، وتثبيت وجودها كقوة عظمى متفردة في السيادة والقرار، وكل ما عداها يأتي في المرتبة الثانية.
من الطبيعي جداً أن تشعر الولايات المتحدة الآن بعمق المأزق الذي تمرّ به والذي يحول دون الاستمرار في سياسة الهيمنة الحالية بعد صعود أقطاب جديدة ترفض هذه السياسة، وتحارب مبدأ التفرّد والتسلّط السياسي والاقتصادي والعسكري، لذلك تلجأ واشنطن إلى ما يسمى الصراع الاستباقي لإلهاء هذه الأقطاب أو إضعافها من خلال إشغالها بحروب وصراعات مع وكلاء ارتضوا أن يكونوا رأس حربة في هذا الصراع، كما يحدث اليوم بين روسيا وأوكرانيا، وكما يُخطط لإشعال فتيل الصراع بين الصين وتايوان وغيرهما من البؤر الساخنة في أكثر من منطقة في العالم.
هذه السياسة، برأي كثير من المحللين، لن تكون مجدية على المديين المتوسط والطويل، لأن الأقطاب المتخاصمة مع الولايات المتحدة تدرك جيداً هذه اللعبة، وستعمل على إفشالها أو الحدّ من تأثرها ومن ثم لن تقع فريسة لها.
في المحصلة، إنّ ما يحصل اليوم بين الولايات المتحدة المتفرّدة بالهيمنة والسيطرة، والأطراف الأخرى الرافضة لذلك، يمثل حافة حادة للصراع يقف كلا الجانبين على طرفيها بحالة تأهب لا مثيل لها، وأي توتر إضافي تقوم به الإدارة الأمريكية الحالية أو اللاحقة قد يؤدي إلى إشعال فتيل حرب دموية سيدفع العالم ثمنها باهظاً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار