مخطوط (عرائسُ الأدب) من نفائس الكتب الأندلسيّة في تحقيقٍ أول 

تشرين-نضال بشارة:

يُعدّ كتاب «عرائس الأدب» الصادر عن مركز أبو ظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة في (أبو ظبي)، التحقيق الأول للكتاب، لمؤلفه أبي الحسن علي ابن موسى بن سعيد، كما يعدّ واحداً من نفائس الكتب الأدبيّة الأندلسية ويتّفق مع الصفة التي يحملها عنوانه له، فهو من عرائس الأدب، وهو لم يرد له ذكر في المصادر التي ترجمت لابن سعي، ويشمل الكتاب الذي أتمّ تحقيقه الباحثان: صلاح محمد جرار، وبشار عواد معروف، قصائد ومقطّعات شعريّة كثيرة، ورد بعضها في مصادر أخرى، ويعدّ معزّزاً لها، وبعضها لم يرد في أيّ مصدر آخر.. كما أن لهذا الكتاب قيمة نقدية جليّة لا تظهر في أي من مؤلفات ابن سعيد الأخرى إلاّ عَرَضاً.

والكتاب أحد مخطوطات مكتبة أبي بكر بلقاسم ضيف في مدينة الجفلة الجزائرية، وتقع في (74) لوحة، وهي بخط أبي الحسن علي بن موسى بن سعيد، وتاريخ كتابة المخطوطة سنة 662 هجرية، ويشتمل التحقيق على (139) ترجمة مختصرة لشعراء أندلسيين مع نماذج من أشعارهم، ويتضمن الكتاب ترجمة ذاتية واسعة لمؤلفه أبي الحسن تقع في (50) صفحة وهي ما يقارب ربع الكتاب؛ وكأنها تشكل جزءاً من أدب السيرة.. وجاءت مصادر الكتاب من أربعة أقسام هي: ما أورده عن والده، وما أورده عن أصدقائه، وما أخذه مباشرة عن الشعراء الذين يترجم لهم، وما رجع إليه من مؤلفات.. اختلف منهج كتاب (عرائس الأدب) لابن سعيد عن كتبه الأخرى، إذ جمع فيه بين مناهج مؤلفاته السابقة؛ وتفرد فيه بمنهج خاص يقوم على تقسيم الشعراء المذكورين فيه حسب مجالات عملهم واختصاصهم، وإيراد مختارات من شعر كل شاعر منهم، وكان يورد للشاعر مقطوعة واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً، وأشار المحققان إلى مجالات العمل التي رتب ابن سعيد الشعراء وفقها: قسم الخطباء والمواعظ والزهاد، وقسم أبناء الخطباء والزهاد، وقسم علماء القرآن والحديث والأصول والفقه، وقسم علماء النحو والنسب والتاريخ والأدب، وقسم البيوتات كبيت بني دراج وبني مطروح وبني نزار وبني سعيد، وقسم أعيان البلاد. واحتفظ ابن سعيد في هذا الكتاب بكثير من النقول من مصادر أدبية أخرى مهمة أشار إليها المحققان. ويعدّ منهج ابن سعيد في الكتاب غاية في الدقة والتصنيف إذ أضاف إلى كل ذلك معياره النقدي الذي يؤكد سلامة منهجه وأمانته العلمية. وتشيرُ بطاقة ابن سَعِيد الأندلسي (610-685 هـ) /(1214 – 1286م) إلى أنه: أبو الحسن، نور الدين، علي بن موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد العَنْسي المُذحجي المغربي الأندلسي المالكي. نحويٌّ، لغويٌّ، مؤرخٌ، رحالة، من الشعراء والعلماء بالأدب. ومن مؤلفاته: المرقصات والمطربات، والغرب في خلى المغرب، ورايات المبرزين وغايات المميّزين، والقدح المعلى في التاريخ المحلّى، والغصون اليانعة في محاسن شعراء المئة السابعة.

أما المحقق صلاح جرار، فهو أستاذ في اللغة العربية ومختص في الأدب الأندلسي ولد في جنين، تولى منصب وزير الثقافة في حكومتين، كما شغل سابقاً منصب أمين عام لوزارة الثقافة الأردنية لعدة سنوات حتى 2002 أصبح بعدها نائباً لرئيس الجامعة الأردنية في عمّان، وأمّا المحقق بشار عواد فهو مفكر ومؤرخ وكاتب عراقي ومتخصص في تحقيق المخطوطات، اختير عضواً في أكثر من مجمع علمي وثقافي.

ونختتم بما ورد في المخطوط للشاعر «ابنُ جاخٍ البَطَلْيَوسي» الذي كان أميّاً راعياً للغنم، ثم صار من أعلام الشعراء ومُدَّاح المعتضد بن عبّاد، وله الأبيات المشهورة التالية، (من المتقارب): ولمّا وقَفْنا غداة الوداعِ/ وقد أسقَط البَيْنُ ما في يدي/ رأيتُ الهوادجَ فيها البدورُ/ عليها البراقعُ من عَسْجَدٍ/ وتحتَ البراقعِ مقلوبُها/ تدِبُّ على وردِ خدٍّ ندي / فتكلَمُ مَن وَطِئَتْ خدَّهُ / وتلدَغُ قلبَ الشجِي المُكَمَدِ.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار