نعم نستحق الحياة..

لم نكن لحظة نفتكر بالحصار، رفعته أمريكا أم بقي، ولم نؤخذ بمناطق أوجدتها الحرب، كنا ننظر إلى كامل الجغرافيا، كجسد واحد، إذا ألمَّ بجزء منه مرض أو تعب تداعينا جميعاً للمساعدة، ومد يد العون.
صحيح أن الحرب قد انهكتنا، والحصار والعقوبات قد جوّعتنا، لكنها لم تنل من روحنا وعزيمتنا، وهذا يتجلى بوضوح في أوقات الأزمات.
ما عشناه خلال الفترة ما بعد السادس من شباط المؤلم، أظهر للعالم كله معدن هذا الشعب الطيب المجبول بحب بعضه وديدنه الخير ومد يد المساعدة.
كثيرة هي الأمثلة، ضيقة مسافة الحديث والتعداد، لكن العنوان الأبرز كان لكل هذا أن الجميع قد لبى وقدم بذلك أرقى صور التضامن والتكاتف، في كل بقعة من أرض الوطن كتب؛ هنا سورية، هنا اللاذقية وحلب وحماة وإدلب، هذه جهات أربع لوطن، روحه حية على امتداد ١٨٥ ألف كيلو متر مربع.
هذا ليس شعاراً، أبداً، إنه واقع وحياة، لقد أبدى السوريون خلال الفترة الماضية ما بعد السادس من شباط الدامي، قدرة هائلة على التعاطف والمساعدة بما تجاوز الحدود، هذا وحده تجاوزٌ للحصار.
ليس للسوري إلّا السوري، ولعلّه من اللافت أن الناس لم تستنجد بأحد بل باشرت باستنفاذ حدود الممكن، جمع ما يمكن من ألبسة وأدوية وشاحنات.. مهندسون تطوعوا لرصد المباني الآيلة للسقوط، فنانون تبرعوا بثمن أعمالهم بالكامل، ناس فتحت بيوتها ومطاعمها للناس.
السوري حي لأنه داخل المعمعة المرة والصعبة، لحظته هي لحظة العالم الذي لا يأبه إلّا لحساباته، لكن السوري داخل الحياة لا متقاعداً عنها. صحيح أن حياته صعبة كالعلقم، لكنه في لحظة ثانية، يقاوم الأنقاض بيديه وأسنانه، هو الأب والأم والأخ والأخت لكل سوري آخر.
ليس صحيحاً أنه «مالنا غيرك يا الله» الأصح أنه لنا الله، والنعم به، ولنا نحن، ولنا الحياة.. لأننا نستحق الحياة.
على هذا الأرض ولدنا، أكلنا من خيراتها ونحفظ في ذاكرتنا رائحة ترابها، هي عطرنا الذي نفخر به ولأجلها، نقاوم ونأمل، أن القادم يسعنا جميعاً وإلى أبد الآبدين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار