مبادرات مجتمعية تستحق التقدير

يسجل لأبناء شعبنا، موقفهم الإنساني في تكاتفهم وتعاضدهم، للمشاركة الطوعية من خلال المبادرات المتعددة لتقديم كل ما يلزم للتخفيف من آثار الزلزال المدمر الذي ضرب بلدنا.
فمنذ اللحظات الأولى للزلزال المدمر، توالت الدعوات والمبادرات المجتمعية والفردية لتقديم كل ما يلزم والجود بالموجود، وهذا يدل على أصالة مترسخة، في صميم هذا الشعب الذي خبر الويلات والحروب، ولم يعول يوماً على موقف خارجي إيماناً منه بأنه لن يحك جسمه إلّا ظفره.
فعلى الرغم من ضيق اليد، وما تعانيه الأغلبية العظمى، من جراء الظروف المعيشية الصعبة التي نعيشها، وباتت أسبابها معروفة بفعل الحصار والتضييق الخارجي، نرى الناس تتداعى وتفتح بيوتها وتجود بما تملك وتعرض المساعدة، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على روح الأصالة لشعبٍ حرٍّ كريم، لن يفرق أبناءه دينٌ أو سياسة أو فساد أو زلزال.
حملات التضامن والمبادرات المجتمعية والأهلية، كانت رسالة بليغة وتعبيراً راقياً وواعياً، لمظاهر التكاتف والتعاون المجتمعي في هذه اللحظات المؤلمة والحرجة، وفيها تحقيق لبعض صور التّكافل الاجتماعي، بحيث يكون المجتمع في حاجة إلى تضافر الجهود بين كل الفاعلين وأيضاً المواطنين من أجل تجنب الآثار الوخيمة للكارثة.
لقد برهن السوريون حقيقة عن أصالة، تجسدت بشكل جلي في هذه المحنة، والجود لا يعترف بقِلَّةٍ أو وفرة، فالأصالة حبل فولاذ والجود في نفس الكريم فِطرة كنبعٍ في سفح جبل، يعطي سواقيه ولا يَسَل لأي سهلٍ تسيل.
ما يدعونا- رغم الفاجعة التي ألمّت بنا- تلك الروح الوطنية لمختلف الشرائح المجتمعية التي سارعت إلى لملمة الجراح بأدوات وإمكانات محلية ذاتية، وهذا أمر كبير وبالغ الأهمية، وهو ليس بالغريب على بلد عانى ومازال يعاني من ويلات الحرب الظالمة والحصار والعقوبات الاقتصادية الجائرة من الدول الغربية التي لم يتحرك فيها أي شعور إنساني، طوال أكثر من عقد على حرب ظالمة وحصار قاسٍ، وعليه لا يمكن أن يعول عليها مع الزلزال الذي ضرب بلدنا، وكانت نتيجته مئات الضحايا وعدد كبير من الإصابات وانهيار وتصدع العشرات من الأبنية السكنية.
باختصار؛ الألم كبير، والدمار أيضاً، وهذا حقيقة، “جادت علينا بهما الطبيعة، لكن موقف أبناء البلد في الداخل والخارج، كان موقفاً كبيراً على قدر هذه المصيبة، حيث وقف السوريون على اختلاف مواقعهم ومناطقهم، خلف دولتهم بما تملك من أدوات للتخفيف من آثار الكارثة، والمطلوب اليوم استثمار هذه المواقف والبناء عليها، عبر جهد رسمي واضح لإيصال المساعدات إلى مستحقيها الفعليين والتطلع بأمل إلى المستقبل، فقد وقعت الكارثة وعلينا جميعاً أن نكون على قدر المسؤولية مستقبلاً، عبر خطة واضحة ومستدامة، إزالة آثار الكارثة التي تتطلب وقتاً وعملاً دؤوباً وشفافاً، وهنا نلاقي الجهود المجتمعية ونستثمرها أفضل استثمار.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار