كيف نحافظ على المساحة التي يحتاجها المراهقون في حياتهم وتبقيهم تحت الإشراف؟
تشرين- دينا عبد:
يحتاج المراهقون إلى مساحة خاصة بهم، فهم بحاجة للخصوصية؛ ولا يعد الاطلاع على أمورهم الشخصية فكرة جيدة ما لم تكن هناك مشكلات أو مخاوف وشيكة تتعلق بالسلامة؛ فمن المهم أن يتعلم المراهق هويته الخاصة وحدوده المناسبة مع المساحة الخاصة به.
فهناك العديد من الأهالي يعانون مع أبنائهم المراهقين، خصوصاً مع التطورات السريعة في عالم التكنولوجيا، الذي بات مفتوحاً على كل شيء.
ذلك العالم الذي يتيح استقصاء المعلومة من مواقع كثيرة لا رقابة عليها، والتعرف إلى أناس لا تعرف هويتهم أو خلفياتهم الاجتماعية عبر مواقع التواصل.
غير مفهومة
ومنهم سلمى التي تنزعج من طريقة ابنتها رهف (16 عاماً) فهي تلتزم غرفتها طوال الوقت، وتبحث دائماً عن خصوصيتها، وردود فعلها تكون غير مفهومة، تقول والدتها إنها تجهل أحياناً الطريقة الصحيحة في التعامل مع مواقف كهذه، لأنها تدرك جيداً أنها في مرحلة المراهقة، وإنّ الأهل تنتابهم المخاوف خصوصاً في موضوع الخصوصية؛ أو إغلاق باب الغرفة أو حتى كلمة السر الموجودة في هواتفهم، وأحياناً على التطبيقات التي يستخدمونها.
لا تتجاوب بسرعة
تجد سلمى نفسها محتارة، فهي تمنح الثقة لابنتها، ولكن حينما تفتح معها أي حديث لا تتجاوب بسهولة، من باب أنها حرة ومستقلة، وأنها لم تعد صغيرة، واليوم هي في حيرة كيف توجه ابنتها للحوار معها بشفافية، وأن بابها مفتوح لها وقادرة على استيعابها بشكل كامل.
احترام الخصوصية
الاستشاري التربوي د.عزام القاسم يرى من وجهة نظره عند بدء سن المراهقة، أو كما سماها (سن الشباب اليافع) تنشأ حاجة طبيعية إلى الخصوصية، ففي الوقت ذاته مازال الشبّان يحتاجون إلى دعم أهاليهم لاتخاذ قرارات جيدة، وإيجاد مفتاح التوازن بين حاجة الابن اليافع إلى الخصوصية، وحاجة أهله لمعرفة ما يحدث، فيجب أن تكون الثقة متبادلة بين الطرفين ليعرف الأهل ما يخبئه ابنهم.
استشاري تربوي: كلّ يافع يحتاج إلى قدر مختلف من الخصوصية
وهنا كما أشار د.القاسم لا يمكننا تقدير مقدار الخصوصية، لأن كل يافع يحتاج إلى قدر مختلف من الخصوصية عن شخص يافع آخر، لكنّ الحلّ يكمن فقط ببناء الثقة بيننا وبينه منذ الصغر، وأن يكبر على هذا الأساس وكلما كبر أكثر، يحصل على مقدار أكبر من الخصوصية.
وعلى الأهل والأصدقاء والأقارب في هذه المرحلة احترام خصوصية المراهق وأفكاره ومعتقداته، وحتى قراراته الحياتية، لأن ذلك سيعزز من ثقته من نفسه.
ليسوا دائماً على خطأ
وأشار د.القاسم خلال حديثه إلى أن الأبناء اليافعين ليسوا دائماً على خطأ في أفكارهم وتصرفاتهم، قد يكون الأهل هم المخطئون في بعض الأحيان؛ في النهاية وجهات النظر تختلف من شخص لآخر، فقد نصنع إشارة معينة بأيدينا، وكل واحد منا يفهمها كما يشاء، ليس بالضرورة أن نفهم إشارة معينة بالمقابل يجب أن يفهمها غيرنا كما فهمناها نحن.
المرونة الكافية
لذلك يجب أن أتمتع بالمرونة الكافية أثناء الحديث مع المراهق، اسمع حديثه حتى النهاية- أناقشه- أعالج معه المشكلة إن وجدت بالحوار؛ وأشار القاسم إلى أن ٩٠%من الكبار يعتقدون أنفسهم هم الأصح، وهذا أمر خاطئ لأن هناك تجارب أثبتت أن اليافعين تفوقوا في مجالات كثيرة على الكبار وأثبتوا أنفسهم.
وواجبنا كأهل طرح الخيارات المتعددة أمام أبنائنا، والسماح لهم بأن يختاروا وأن نسمع خياراتهم ونناقشهم بها.