الخطير والأخطر

تنشغل المنطقة (والعالم) بالعدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، حتى تكاد غزة تسقط من الحسابات الميدانية والسياسية، رغم إنها لا تزال تحت رحمة المجازر الإسرائيلية اليومية والتي يذهب ضحيتها العشرات من الفلسطينيين.
ننشغل أو يتم إشغالنا على الساحة اللبنانية وبمفاوضات نعرف مسبقاً أنها لن تصل إلى أي مكان، ولنا مع غزة عام وشهران من التفاوض الذي لم يصل إلى أي مكان.. وهذا ليس تقليلاً من فداحة الحرب الإسرائيلية الوحشية على لبنان وآثارها الإنسانية/المعنوية والمادية/ ولكن لا بد من توضيح وعرض وإبراز ما يُعمل عليه بخصوص التعمية على المخططات الإسرائيلية/الأميركية، السرية، ضد قطاع غزة والضفة الغربية، التي خرجت وأخذت طريقها إلى التنفيذ، بل قطعت شوطاً مهماً في التنفيذ بأعمال علنية على الأرض بدءاً من شمال القطاع، هدم وتجريف وشق طرق، بعد إجبار أهله على النزوح تحت قصف الطائرات والمدافع، تمهيداً لإعادة احتلاله.
تنشغل المنطقة بلبنان والحرب الإسرائيلية عليه والتي تتسع جغرافيتها يومياً بمعدل تدمير وضحايا متصاعد، ولا بد من الانشغال بلبنان (وما بعد لبنان إذا ما استمرت هذه الحرب) ولكن يجب بأي حال ألا تسقط غزة أو الضفة الغربية وما يُحاك ضدهما، خصوصاً إذا ما أخذنا أن ما يُحاك يطول في نهاية المطاف دولاً عربية أيضاً، فمع غزة والضفة، هناك محور صلاح الدين/فيلادلفيا، فهو أيضاً ضمن المُبيّت إسرائيلياً وأميركياً.
وإذا ما أخذنا بالاعتبار اقتراب ولاية ترامب، فإن المخاوف لا بد من أن تصبح أكبر، ولنا مع ترامب أخطر القرارات الداعمة للكيان الإسرائيلي، سواء على مستوى القدس أو على مستوى الجولان السوري المحتل.. ولأن ترامب أعطى مسبقاً للكيان ضوءاً أخضر بإنهاء الحرب بالطريقة التي يريدها، قبل أن يتسلم مهامه في 20 كانون الثاني المقبل، فإن المرحلة المقبلة ستكون الأخطر على الإطلاق، والكيان يسرع ويصعد عملياته لإنهاء الحرب على أرض محروقة يعيد بناءها وضمها/احتلالها، ليأتي ترامب لاحقاً ويعطي «المباركة» الأميركية لها.
عملياً لم تعد خافية النيات والمخططات، فالكيان الإسرائيلي بدأ التنفيذ على الأرض تحت ستار الحرب الموسعة على لبنان، ومعها التهديدات لدول الجوار، وبشكل يتم فيه التعمية على المنطقة واشغالها عن الخطير بالأخطر، رغم أن كل ما يجري في المنطقة وعليها هو من المستوى الأخطر.
كل يوم يفوت ستصبح المخططات أخطر، ويصبح التنفيذ على الأرض أوسع وأعمق باتجاه فرض وقائع على الأرض، ستصبح مع مجيء ترامب حقيقة جغرافية «سيادية» للكيان الإسرائيلي.. لكن الأخطر دائماً هو من صنع تفرقنا وتشتتنا ومصالحنا الضيقة، رغم إن الخطر عميم والعدو يستهدف الجميع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار