غلطت معلمة الصف بفيلم «محاكمة علي بابا» للفنانين يحيى الفخراني وإسعاد يونس وحكت قصة علي بابا والأربعين حرامي أمام طلابها، طلاب لم تتجاوز أعمارهم ست وسبع سنوات بقصد التسلية وملء الفراغ ريثما يقرع جرس الانصراف، وظناً منها بأن ردات أفعالهم لن تتجاوز التصفيق والتهليل لاستحواذ علي بابا على كنز المغارة من ذهب وفضة وحلي، وزواجه من الجميلة مرجانة التي كانت داهية وفاتنة وصاحبة خصر نحيل!
قد تكون–المعلمة- تحمست قليلاً وظنت أن الأطفال ستسيطر عليهم حالة شغب وسيصرخون متأثرين «بالبطل علي بابا» أمام باب الصف في المدرسة وفي بيوتهم أمام البراد وباب الخزانة ويرددون عبارة: «افتح ياسمسم» بروح صبيانية طبيعية.
إلّا أنها لم تتخيل أبداً أن طفلاً صغيراً وتلميذاً في الفصل، سيقلب عليها الطاولة ويخذل تصورها، ويسألها بكل جرأة عما إذا كان علي بابا قد أرجع المسروقات إلى أهلها، أم إنه سلّمها للشرطة؟
ولما كان النفي جواب المعلمة، واسترسالها بشرح سلوكيات علي بابا الذي اشترى بالمسروقات قصراً وتنعّم مع مرجانة بالكنز، وختمت حماسها التربوي بالثناء على حياة البطل والثبات والنبات اللذين عاش فيهما وخلفة الصبيان والبنات.. وقبل أن تقول توتة توتة، قاطعها «كوكي» الطفل الصغير بفيلم «أحمد رجب» وقال:
إذاً علي بابا، هو اللص الواحد والأربعون في الحكاية، فقد سرق من لصوص مثله، وهو خارج عن القانون أيضاً، مادام نجا من العقوبة وتنعّم بكنز المغارة!
ويا شحاره «كوكي» الذي تجرّأ وعبّر بمنطق التفكير النقدي أمام معلمة صفه، صدمتها الكبيرة «وضوح التفسير» وصوابية استهجان الطفل الصغير، الذي ستطوله العقوبة والتوبيخ واستدعاء ولي الأمر، لأنه حسب المعلمة والموجه والناظر أساء لموروث شعبي وحصرهم جميعاً في “خانة اليك” من دون أي قصد سوى أنه بمشروعية جدل وتحكيم استباح خانة اليك، وحرّك مشكلات غائرة، الفصل فيها- مابين التنظير والتطبيق- واجب، مادام التناقض المعرفي أربك حسابات بدهية في عقل «كوكي» الطفل الصغير.