حسناً.. ماذا بعد «جلي» الصحون؟!
أن يخرج المبدع من بيئة فقيرة، لا أظن أنّ الأمر يدعو للتفاخر بحدِّ ذاته، تماماً كما المبدع الذي يأتي من خلفية ميسورة، وحتى القادم من بيئة فاحشة الثراء.. ذلك لأن (الموهبة) يُمكن أن توجد في أي بيئة، لأنها ملكة لدى الكائن المبدع الموهوب، كما لا أظن أنّ للبيئة الدور الكبير في نتاج الموهبة، إلا بما توفره لرعايتها وتقديمها.. ومن ثمّ أن بعض (المبدعين) الذين يُفاخرون بخلفياتهم “المعترة”، غالباً ما يكون بدافع “التفنيص”، وليس للعبرة والاعتبار.
حسناً كانت مهنتك “جلي الصحون”، ومن ثمّ ثمة من اهتدى إليك واكتشف أنّ لديك موهبة في الغناء، وقدمك، وللتذكير هو أيضاً – مكتشفك – لم يُقصّر بالمتاجرة بك.. وأخيراً “نجحت” وأثرت الكثير من الجدل، من أن تكون فقاعة إعلامية عابرة، أو أنك ستستمر وتطور موهبتك.. غير أنّ ما يحصل في كثير من الأحيان أنّ “الخسة” كثيراً ما تكبر في الرأس، وهذا ما يحصل بأصحاب المواهب الغنائية غالباً، وبعد موجة إعجاب مراهقات قد تصل بإحداهن لتخاطبه بـ”دخيل…” إلخ – ما فينا نذكر ما قالته المراهقة باعتباره من العيار الثقيل – لكن ما نؤكد عليه أن “الخسة” عندما تكبر في الرأس تجعله لا يعدو أكثر من باقة حشيش.. وهو الأمر الذي كثيراً ما يؤدي إلى عواقب كارثية.
ذلك ببساطة، هذا الموهوب سيكبر، كما أنّ المراهقات اللواتي “دبن في دباديبه” سيكبرن، وإذا لم ينسَ الموهوب الحالة الإعلامية الفيسبوكية وغيرها من حملات تعبوية، وينتبه إلى تطوير موهبته، فسيفشل في الربع الأول من الطريق، إن لم يكن من الخطوات العشر الأولى، وهذا حصل مرات كثيرة، وهو ما يوقع صاحب الموهبة في الاكتئاب وربما الإدمان، والأخطر من ذلك في ما يُسمى “التوبة”، واعتبار الفن حراماً، والوقوع في براثن التطرف والتكفير.
ولأنه – كما أسلفنا – كلّ البيئات يُمكن أن تُقدّم مواهب، وسيأتي فيما بعد من يقول إنه كان يعمل في “جلي الصحون”، وستلتف حوله المراهقات، وربما سيتفوق على سلفه بكل هذه “الميديا”، لكن ما يثبت ويوصل بالتجربة الإبداعية، هو من يجتهد في تطوير موهبته في القراءة والبحث.. فالموهبة وحدها لا تكفي لتقديم إبداع حقيقي، والاستمرار فيه.
من هنا عليك عزيزي الموهوب بالمبادرة للتقدّم لامتحان الشهادة الإعدادية أولاً، ومن ثمّ تمم بعد ذلك ما استطعت في التعلم والتعليم حتى لا تصل إلى تلك النهايات المأساوية.. فـ”دخيل..” لن تصنع منك مبدعاً أبداً.
هامش:
……………
وفي
روايةٍ أخرى،
يُحكى أنّ الفيلَ
لايزالُ
في محاولاته الدؤوبة
يُجرّبُ الدخولَ
في خرمِ الإبرة،
كلما
وجدها في كومةِ القش!