الثروة الأغلى

كثيرة هي العبر والدروس التي يمكننا استنتاجها والتي تعطينا رؤى قد تغالط أو توافق نظرتنا المبدئية، والتي كانت بحكم مجهرنا ومعرفتنا وتستند لدواخلنا الفكرية والقيمية والروحانية، ومن أهم الظلاميات والتي كانت تبهر كثيراً ولكن أظن أنهم قد قلوا لينتظروا الوجهة العالمية الجديدة والتي لن تكون جديدة وإنما متجددة هي جدليات العولمة، ذلك المصطلح الذي غدا هواة التنظير والدونية أمام الآخرين يحشرونه بكل خطاب ومقال، آخذين بالتضليل المرافق له من أحد أهم أدوات تمرير وفرض العولمة الإعلام، و لكن قد نكون أصبنا بجزئيات عندما نلنا بسهامنا منها من نواح عديدة، ومنها الغزو الثقافي ومنها قتل الهويات الوطنية، ومنها نشر كل ما يخالف ويعاكس المنظومات القيمية والأخلاقية، ومنها عولمة الموارد البشرية بغايات ظاهرها إنساني وغايتها تسليع الإنسان في بلدانهم والتي استمرت بالقطبية والثنائية النهب والسلب بطرق سلمية أو بطرق عنيفة وتوحش البشر في البلدان الأخرى واللعب على تناقضات لخلق الفوضى وزيادة الأمراض الاجتماعية والتي لمسناها في تعصب أعمى هوائي غير مستند لأسس وكيف لا وفي فكرهم أن البناء الإنساني الصحيح يولد بلداناً ذات قدرات جاهزة لتحويل الرمال إلى ثروات، فالإنسان ثروة ألماسية، وكلنا سمع كيف أن بلداناً لا تملك ثروات باطنية ولكنها عبر الإنسان المنضبط والأخلاقي الملتزم، عبر التعليم، التنوع، المعارف، الأخلاق، المعلومات أصبحت مثالاً يحتذى به، ولن نكتفي باليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية أو سنغافورة البلد الفقير الصغير أو ماليزيا التي كنا نسبقها بمسافات وغيرها من البلدان والتي أصبحت منارات في جغرافيات متنوعة وسارت وما زالت بالتنمية، وقد يقول قائل : السماح في ظل الليبرالية المتوحشة كان لأغراض توازنية مع بلدان كانت تحاول أن تنافس على الإدارة العالمية ولذلك فإن تنميتها فائض للدولة القائدة وتقليص لدول لا تقبل ليبراليتهم بتجاوز مستويات وحدود من التنمية الليبرالية، الخدعة الكبرى المرافقة لطبول عولمة العولمة، الوباء والذي من طقوسه نشر وباءات بكل الاختصاصات وحتى المرضية في فترات مختلفة وليس آخرها الكورونا الليبرالية ذات مزاجية التطبيق وذات الموازين الدقيقة، برامج و وصفات صارمة على الغير وحتى من الدوائر القريبة، غايتها عرقلة التنميات ووقف الاستقلالية واستمرارية التحكم بدواخل البلدان وتهشيمها للاستثمار في الوقت المناسب ولتكون مسالك وأدوات و آليات وشخوص ما بعد العولمة جاهرة لاستثمار التناقضات والتهشيم بالأوقات المناسبة و لتكون كل تفاصيل ومقدرات الكون الذي كما قالوا تحول لقرية صغيرة تحت سيرتهم، يتحكمون بها بالأزرار و ليصبح ركيزة المالي العالمي متوحشاً في غابة أسيادها أسياد العولمة وتوحشهم يبيح لهم استعمال كل شيء لبث الفوضى وتقويض القدرات البشرية والإنسانية وتسخيرها لهزيمة التوحش والذي لن يواجهه رسل جدد أو أنبياء أو قدوات فكرية، فهم يعرفون بقدرتهم البنائية وخصائصها مجال كل المبشرين وأدواتهم ويحيطون بهم، بحيث يشدونهم بخيوطهم كلما أرادوا ان يخرجوا من دوائرهم.

فعولموا البشر وليس كما قالوا عولمة الأفكار والإنسانية وزيادة أنسنته ولكنهم سعوا وقضوا على البنيان التقليدي التراكمي الحصين ليهشموا تحصينات الكل حتى حلفاء الأمس والذين في طريق الفوضى و التأزم و العودة لما ورائيات الورائيات، في ظل فوقية و راحة بال و في ظل ارتياح كبير سلعنا الإنسان وأوحشناه وفرغناه وضيعناه فكيف لهم من طريق قويم سليم؟
لم نقتصر على النهب والسلب للثروات و استمرارية جعلهم سوقاً لسلع مخصصة لهم فكيف يفكرون بأنهم يشابهوننا أو يتشبهون بنا .فالصراع الطبقي ولّّى وفات و غدونا بشعب الكون المختار والذي هو منا ولنا وصفوة الكون ..عالم الفوضى بناء لهم ولا يستمر إلا باستمرارية تفوقهم بتفريغ البشر وتوحيشهم وسلبهم العقول والكفاءات والمهارات وتشتيتهم .
الكل تأمل بارقات أمل في الصدام الجديد بين الرأسمال وتوحش الرأسمال ..فهل سينجم عنه تفرد جديد للتوحش أم رأسمال أليف جديد متجدد يعيد الروح للعالم البشري و يصوب آليات البناء؟ هل سيكون للعدالة الإنسانية والاجتماعية مكان؟.
هل سيكون تصحيح وتصويب لمؤسسات القيادة العالمية بكافة أنواعها؟
هل ستتغير وصفات المؤسسات الاقتصادية؟
هل ستقيد بنى المؤسسات السياسية التدخلات والاعتداءات والتدخلات والعقوبات والحصار وغيرها؟
هل توصلت الدول لدروس حول أهمية الإنسان، الثروة الأهم وكيفية إعادة بنائه بما يناسب الحاجات والطموحات؟.
هل تعلمنا أهمية البناء الإنساني القيمي والأخلاقي والمعارف؟.

هل فهمنا لماذا حاول المتغطرسون حرف روحانيات الأديان وفشلوا وتشويه التعليم وعولمة الفوضى والانحلال وتسليع كل شيء وتنظيم حتى الفنون والرياضة و الثقافة ولم يسلم منهم شيء لتتغلب نواتج العولمة السلبية على ما طمحنا وروجوا له من إيجابيات؟.
سُئل مثقف كبير قبل حوالي عقدين في أحد البلدان والتي عمت أفقياً وعمودياً فيه الأبنية والطرق والجسور والملاعب فأجاب اهتممتم بالبنيان ونسيتم الإنسان والإنسان أساس كل شيء.
فهل نرمم ونعيد ثروة من أهم ثرواتنا ونواجه عولمتهم المتوحشة وليبراليتهم المهشمة ونخبهم وتوابعها الخرقاء.
أنسنة البلدان هي مواجهة لمشاريع الفوضى العالمية، وذر الرماد في العيون لا يعني العمى عن عالم أفعوي يريد تلوين جلده …
المقاومة بالإنسان أهم أدوات مواجهة توحشهم الغرائزي السلعوي المدمر والمعرقل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار