مررنا منذ يومين بـ”العيد العالمي للّغة العربية” وفيما كنت سارحاً بدرجات الحب و”الفُوَيْرِقَات” (تصغير كلمة فارق) عند العرب بين كل درجة مثل: الهوى، والصبابة، واللوعة، والوجد، والشجو، والسهد، والوله.. إلخ وكيف هي جماليات هذه التسميات المجدولة مع معانيها وآثارها النفسية التي تصيب المحبّين في قلوبهم وأجسامهم وعقولهم وأرواحهم فتتركهم تارةً مثل “مجنون ليلى” هائماً مع غزالات الفلا، وتارةً مثل فارسِ بني عبس عنترة بن شدّاد الذي قال لعبلة “اطلبي الإيوان أحمِلْهُ على راحتيّ كِسرى وهاماتِ العَجَمْ/ أو سَليني البِيدَ مهراً أو سَلي ما وراء البيدِ من طيبِ النِّعمْ”، وفيما بعض العاشقات الهائمات بـ”دباديب” عشّاقهن يتحوّلن إلى طريداتٍ أو شريداتٍ أو كسيراتٍ أو هائماتٍ يقُلنَ الشعر ترويحاً عن قلوبهن، مثل ليلى العامرية، وولّادة بنت المستكفي التي قالت: “ترقّب إذا جنّ الظلامُ زيارتي/ فإنّي رأيتُ الليلَ أكتمُ للسرِّ/ وبي مِنكَ ما لو كانَ بالشمسِ لم تلُحْ/ وبالبدر لم يطلع وَبالنجم لم يسرِ”، أو ما قالته حفصة بنت الحاج الركونيّة: “أغارُ عليكَ من عَينَيّ رقيبي/ ومِنكَ ومن زمانِكَ والمكانِ.. ولو أنّي خبأتك في عيوني/ إلى يوم القيامةِ ما كفاني”..
كنتُ أقول وفيما أنا ساهمٌ في بحور الحبّ ورقّة الأشعارِ والتماعاتِ بروقِ الإبداع التي لا تتكرر وجماليات اللغة العربية الرقيقة والقويّة معاً مرّتْ من أمامي “طريزينة” أو “طرطيرة” -يعني بالعربي “سيارة سوزوكي”- حوّلها صاحبُها “أبو الصقر الولهان” إلى لوحة عجائبية من الزينة والزركشات والأضواء الفاقعة الفوسفوريّة التي لم تخطر على بال “هنري ماتيس” أبو “المدرسة الوحشيّة” في الفن التشكيلي- فقد احتفل أبو الصقر هو أيضاً باللغة العربية على طريقته وكتب بالخط العريض قصّة حبه كما يلي: “كلّ الميازة من عنّا وتقليدنا صعب” بس ” “قمت رميت همومي بالبحر.. طلع السمك يلطم”.
لكن “السمرا ” –هكذا سمّت إحداهن سيارتها- ردّت المبارزة اللغوية الشعرية بجملة قاتلة وكتبت: “مفكّر حياتي رح توقّف عندك.. ليش الأخ مَطبّ ولا إشارة ضوئية!”.. وهكذا بقي العشاق يتبارون باللغة واللهجات والأفواهِ والعيون حتى الصباحِ المباح!.