سافر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى (حوار المنامة) الأسبوع الماضي ليعلن عبر خطابه هناك إستراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة. وبكل وضوح وضعت الإدارة الأميركية عنواناً لهذا الخطاب (سياسات الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط).
ولفت هذا الخطاب الأنظار, أولاً لمكانه، ثانياً لمضمونه.. تصوروا, فما الذي أرادته هذه السياسة؟ وما الذي تضمنته؟
بدأ أوستن خطابه بالافتخار بالتطبيع المغربي مع العدو الإسرائيلي، مركزاً على أن تطبيع المنطقة العربية مع “إسرائيل” هو قاعدة التعاون, والشراكة لتحقيق الأمن والازدهار.
أي إن أوستن وبكل وقاحة ينبه الجميع وربما يهددهم إلى أن أمنهم مرتبط أولاً بتطبيعهم مع “إسرائيل” ضمن ما سموه اتفاقات (إبراهام) التي تريدها واشنطن “ديناً” جديداً وعلى الجميع الإيمان به!
جوهر الإستراتيجية الأميركية ما سماه أوستن (تعاون وشراكة الحلفاء في المنطقة) واعتمادها على الحلفاء للقيام بالمهام الدفاعية في المنطقة. أي إن واشنطن تنتقل من (الحامية) إلى (المشغلة).
وبعد أن كانت تقوم بنفسها ببيع وتنفيذ الأعمال الدفاعية، أصبحت تدير وتأمر الحلفاء للقيام بهذه الأعمال، وصارت تكتفي ببيعها السلام والمعلومات والإدارة، وفي هذه التبعية شيء من (العبودية العسكرية).
وربما هذا ما دفع دول الخليج للاتجاه إلى روسيا والصين والهند ولإقامة التحالفات والتعاون معها في مجال التسليح كبديل عن أميركا دون النجاة من هيمنتها المتراكمة.
ما يراه البعض تطمينات تضمنتها الإستراتيجية الأميركية، ما هو إلا (عملية تجميل) لهذه الإستراتيجية التي تخلت عن التزاماتها تجاه المنطقة –عدا إسرائيل– وتحويل دول المنطقة إلى جيوش وقوى تنفذ وتحقق ما تريده أميركا، مع دعمها عن بعد، حتى لا توسخ أيديها بأي أعباء عسكرية أو دفاعية كما تسميها.
التدقيق في معاني خطاب أوستن في حوار المنامة وما تضمنه من إستراتيجية أميركية، يوضح أن أميركا تنتقل من سياسة (استتباع الآخرين) مقابل حمايتهم إلى سياسة (استعباد الآخرين) مقابل إدارتهم والإشراف عليهم ودعمهم عن بعد، مع تأكيد أوستن أن كل التعاون والاستعباد يجب أن يقوم على قاعدة التطبيع مع “إسرائيل”، أي إنها إستراتيجية أميركية الماركة والعنوان، صهيونية المضمون والأهداف..