عندما سمعت لأول مرة أن هيلاري كلينتون أصدرت كتاباً بعنوان «حالة الإرهاب»، أول ما خطر ببالي أنها تريد الرد، ولو بشكل غير متأخر، ومتكرر، على ما قاله ترامب من أن ( هيلاري وأوباما هما من أنشأا داعش) ولكن عندما علمت أن الكتاب ما هو إلا «رواية خيالية» كتبتها هيلاري بالتعاون مع كاتبة قصص الغموض والألغاز لويز بيني، فهمت أن هيلاري ربما لجأت إلى الرواية الخيالية «فشة خلق» وانتقاماً من أعدائها وعلى رأسهم ترامب الذي ترى أنه تلاعب بها ليحرمها من الفوز بالرئاسة، وربما هي تسعى من وراء هذه الرواية لتبرئة نفسها من دورها في توظيف الإرهاب ضد الدول والمجتمعات في المنطقة العربية وغيرها، أو إنها تريد أن تبقى عبر الرواية بما فيها من سياسة في واجهة النقاش السياسي الأميركي والدولي، ربما..
في «حالة الإرهاب» تبدأ هيلاري روايتها بمؤامرة تدفع العالم إلى حافة النهاية، وتضع مستقبل الإنسانية على المحك.. وكان قد تم تعيين ألين أدامز المالكة السابقة لإمبراطورية إعلامية دولية، وزيرة للخارجية الأميركية، على نحو غير محتمل من دوغلاس ويليامز الرئيس المتعالي الذي عارضت ألين ترشيحه.
كم تشبه بطلة الرواية «ألين» هيلاري, في معارضتها لأوباما، وفي تعيينها وزيرة خارجية له، المهم ؛ ومع بداية الأحداث، تعلم ألين بمؤامرة الإرهاب عند عودتها من رحلة متعبة إلى كوريا الجنوبية، وتتدحرج المؤامرة بتفجيرات في لندن وباريس وبرلين، ويتهم تاجر سلاح باكستاني- بشير شاه بالوقوف وراء هذه المؤامرة. وهذا حسب الرواية: (رجل شرير عازم على تحويل العالم إلى جحيم)، وكان قد تم إطلاق سراحه سراً من السجن بمباركة الرئيس الأميركي السابق، وهو –شريف- يكره ألين لأن شركتها الإعلامية كشفت ذات مرة عن جرائمه في فيلم وثائقي مدمر، وربما هو من قتل زوجها باستخدام سمٍّ لا يمكن تعقبه.
في نشاطها لمواجهة مؤامرة الإرهاب، من خلال تواصلها وتفاعلها مع قادة أميركا و العالم، قامت هيلاري برواية ما يمكن عدّه هجوماً انتقامياً على ترامب، وعلى وزير الخارجية البريطاني، لأنهما كانا يستهينان بالنساء، كما أنها في مكان ما تتعرض للرئيس الروسي، وتشكو عبر الرواية من (الكذب والخداع والابتزاز والتضليل والتشويه) وكأنها تحاول فضح ما قام به الجمهوريون ضدها في الانتخابات الرئاسية، وما فعله مكتب التحقيقات الفيدرالي تجاه قضية الإيميلات التي أضرت بفرصها للفوز بالرئاسة..
باختصار؛ تبدو رواية هيلاري كلينتون «حالة الإرهاب» محاولة لتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين، وانتقاماً ممن تعدّهم تآمروا عليها، كما يمكن عدّ الرواية محاولة فاشلة لتبرئة نفسها من الدور الذي لعبته في إطلاق الإرهاب لتحقيق أهداف السيطرة الأميركية على دول ومجتمعات مستقلة وذات سيادة، كما جرى في المنطقة العربية بما سمي “الربيع العربي” الذي كانت هيلاري أحد المدافعين عنه.
وإذا كانت رواية هيلاري محاولة لتبرئة نفسها من كل ذلك، فإن التاريخ لا يقرأ خيالات الإدعاء، ولا يتأثر بـ«فشات الخلق».. التاريخ يعتمد الوقائع والحقائق، ولا يرحم الإرهاب ومصنّعيه ومستخدميه، وهيلاري واحدة منهم.