الآليات اللازمة لانفراجات منتظرة
في سيناريو عجائبي بسبب الإجراءات القسرية أحادية الجانب والحصار الأمريكي على سورية لتكريس سعر صرف وهمي احترق به المواطن ولقمة عيشه, وسط فوضى أسعار غرائبية وحيرة المواطنين وتناقص قدرتهم الشرائية المتناقصة أصلاً بعد تضخم تجاوز الحدود وحدّ من القدرات الشرائية لأغلبية المواطنين, ووفق الأرقام الرسمية تجاوز التضخم الحدود المعقولة والطبيعية ليظهر انعكاس السعر الوهمي للصرف على مختلف نواحي الحياة, وبنسبة أكبر مما يجب وحتى ولو اقتنعنا بطبيعة سعر صرف المضاربات وسط ذهول وتعجب الجميع, ومنهم نحن عن آلية تكريس هذه الأسعار, والتي أغلبها مضاربات وهمية وتسويق تضليلي عبر الصفحات الفيسبوكية وسط ألعاب خداعية, ومنها ما نجده بأسعار العقارات والإيجارات, والهدف منها استكمال لعب الإرهاب الاقتصادي بكل المقاييس التي لا تتناسب مع الواقع ولا مع المؤشرات الاقتصادية, ولكن يمكننا عدّها جزءاً من الحرب الإرهابية المستعرة على سورية وسط مفاجأة الجميع, ومنهم أعضاء مجلس الشعب عن الاستسلام والرضوخ لأسعار فوضوية لا تخضع لمعايير, ولا تستند لإثباتات, والصمت المستمر لكرة الأسعار وسط استسلام وقلة أدوات الدفاع الناجمة عن تراكم سلبي للسياسات من أول الحرب ومن الذهاب لاقتصاد الحرب بكل أدواته وممارساته, ويعدّ بعض الأدوات التنفيذية الصمت عن سلبيتهم وسلبية الدور وتغاضيهم عما كلفوا به وترقيعات لتضليل السلبية هو صمت محدودية الإمكانات ولتصوير الآليات المنفذة بأنها العلاج الصحيح.
وحتى لا نكون ضمن دائرة التشكيك نجيب من تساءل عن قلة خبرتنا وتحيزنا عندما نقول إنّ سعر الصرف وهمي: ما هي المتغيرات الاقتصادية الحاصلة ليرتفع السعر بحدود ألف ليرة خلال أسبوع ، وما هي القدرة الفائقة والسرعة العجيبة لتماهي الأسعار مع هذا التغير لترتفع أضعافاً مضاعفة وسط رؤية كاملة لـ«حماية المستهلك» وتغاضٍ منقطع النظير وطلّات إعلامية لضبوط سوء منتجات وغش وو.. حتى نتيقن بأنهم يعملون بكل جهد ووسط استجابة منقطعة النظير لبعض الحرف والوسائل بتثبيت الأسعار ولكن على أساس سعر الصرف الوهمي, وهو ما لمسناه بأسعار الحلاقين والفنادق وأجور النقل وخاصة «التكاسي», وما وجدناه من رفع سقف القروض العقارية والتجارية ويبقى السؤال: لماذا هناك نيات بتكريس التضخم الظالم لكل من هو موظف ولمن وقف مع الليرة, ولكل من صمد وصبر, ولصالح من رفع الأسعار, وخاصة العقارات والإيجارات وغيرها.؟
ووسط تدخلات «السورية للتجارة» التي لم نجدها تقوم بدور التدخل الإيجابي, ودوماً تدور تساؤلات عن المهام الملقاة عليها ودورها الواجب في ضبط الأسعار وقيادة السوق ومواجهة الاحتكار ولتستمر معاناة المواطن واللعب بقوته اليومي وزيادة الفقر مع استمرار الصبر والتحمل, ولكن هذا لا يعني الصمت ضد هؤلاء الذين يسيئون للوطن وللشعب بجشعهم وتجاوزهم القوانين, ويقبلون أن يكونوا جسراً لتمرير التضخم, وهذه السلوكيات لا تحل مشكلة ولا تخدرها وإنما تزيدها.
وفي وسط الأجواء الإيجابية للملف ووسط اعتراف عالمي أممي بلا إنسانية الحصار والخنق الاقتصادي, وتالياً قد تكون هناك تدفقات وتسهيلات, ولكنها بحاجة لآليات جديدة, فما الفائدة منها في ظل فوضى الأسعار وسلبية عمل المؤسسات المسؤولة, وتالياً نحن بحاجة لآليات جديدة تخفف عن المواطنين ولشبكات حماية توصل الدعم لمستحقيه بسهولة وبعيداً عن الفساد الذي عانينا منه سابقاً, إضافة إلى إصلاح القطاع العام والوصول لسعر وطني عادل.
ما نجده هو استراتيجيات مستقبلية النتائج ولكن في ظل فوضى أسعار تصيب كل شيء من تكاليف الإنتاج لن يتغير شيء إلا بمضاعفة الإعانات وتوزيعها بشكل عادل, وهنا نصل للتساؤل التالي: مادامت طبقة الموظفين والعاطلين عن العمل أصبحت هي الأكثر حاجة, فلماذا لا نجعل مسؤولية التوصيل للمنتجات عبر مؤسسات القطاع العام الإنتاجية والخدمية كوحدات مستقلة بديلاً عن الجمعيات والمؤسسات التي لم تكن أغلبها موفقة في الأداء وانضمت لصناعة الطوابير, وكثر منها دخل مرحلة الفساد، أو تفعيل دور المنظمات للقيام بأدوار وأعمال مساعدة لترسيخ الانفراجات.
وفي الختام نتساءل: لماذا التصريح العلني عن نقص توريدات البنزين والمازوت لشعب أغلبه مترقب لتصل طوابير الانتظار لعدة كيلو مترات ولأيام؟ ويتساءل مزارعو الساحل وحمص وغيرهم: من يعرقل الحصول على السماد للأراضي, وكل صعوبة تنبثق عنها سوق سوداء.
الحكومة تدعم الزراعة لبعض المحاصيل, وهناك من يلاقيها من جهات أخرى للعرقلة, فوضى الأسعار تكرس وهمية سعر الصرف.. ننتظر تصويب الإجراءات عبر اختيار الصائب من القرارات.
لطالما بقيت أسعار السلع والمواد اللازمة لتكاليف الإنتاج، سنبقى في دوامة لا خروج منها .