الحرب وأسواقنا بين السعر والقيمة ..!

أثرت الحرب والمضاربون والمتآمرون وممن تنقصهم الجرعات الوطنية والإرهاب الاقتصادي من حصار وعقوبات على أسواقنا وارتفعت الأسعار ارتفاعاً كبيراً، وزادت معاناة الشعب السوري بسبب العوامل السابقة، وتجسد هذا في زيادة الطلب الكلي على العرض الإجمالي من السلع والخدمات، وعندما تزول هذه الأسباب – وستزول قريباً إن شاء الله – ستعود الأمور إلى سياقها الطبيعي، خلل الأسواق هو « ظواهر عكوسة», كما قال السيد الرئيس بشار الأسد في الاجتماع الدوري للعلماء والعالمات في جامع العثمان بتاريخ 7/12/2020 حيث قال سيادته: (إن القضايا الأمنية والمعيشية, وأيّ تحديات أخرى هي قضايا عكوسة تزول بزوال الأسباب)، وأمام هذا الارتفاع الكبير في الأسعار بدأ الكثير من الاقتصاديين يستخدمون مصطلح (ارتفاع قيم السلع) بدلاً من (ارتفاع الأسعار)، وفي رأينا يوجد فارق كبير بين المصطلحين ، ويتعرف هذا الفارق على أن لكل سلعة قيمتين, هما القيمة الاستعمالية المرتبطة بطبيعة السلعة وفائدتها, والتي تحدد القيمة الثانية: وهي التبادلية التي يعبّر عنها بالسعر الذي قد يكون نقدياً أو عينياً، ويتحدد السعر بتطابق رغبتي كل من البائع الذي سيتخلى عن السلعة والشاري الذي سيمتلكها بعد الشراء، وتتحدد الأسعار حسب العوامل المؤثرة في السوق في زمان ومكان محددين, وحسب طبيعة النظام الاقتصادي, وقوى العرض والطلب, ودرجة تدخل الدولة أي الدعم الإنتاجي والاستهلاكي والندرة الاقتصادية, وتتغير من وقت لآخر والسعر هو التعبير النقدي عن القيمة، أما القيمة فتعبر عن الأهمية الاستعمالية للسلعة والمنفعة التي تقدمها, وتكون محددة قبل وجود السلعة في السوق, وتتحدد بمتوسط العمل الاجتماعي المبذول للحصول على السلعة، وتالياً لا وجود للقيمة التبادلية من دون الاستعمالية، وتحديد العلاقة بين القيمتين صعب جداً, وكمثال على ذلك المقارنة «الماء والذهب», فالماء ذو قيمة استعمالية كبيرة وهو جوهر الحياة، أما الذهب فهو هام للإنسان ولكن أقل من الماء، فقيمة الماء أكثر من الذهب لكن سعره أقل، وقد أجاب الاقتصادي الكبير- آدم سميث عن هذا السؤال من أن هذا يتأثر بالتكلفة الإنتاجية الكلية, حيث إن قيمة البضاعة التبادلية تتحدد بتكاليف إنتاجها، فتكلفة إنتاج الماس من وجهة نظره أكبر من تكلفة استخراج الماء فضلاً عن ندرته لذلك فإن قيمة الماس التبادلية أكبر من قيمة الماء التبادلية، وتؤكد النظرية الاقتصادية النمساوية على أن قيمة البضاعة تتحدد على أساس المنفعة الهامشية لها وليس تكلفتها، والمنفعة الهامشية تتحدد بعوامل الطلب أما نظرية تكاليف الإنتاج فتتأثر بعوامل العرض، والمنظومة السعرية تشبه ترمومتر أو ميزان حرارة المجتمع الاقتصادية, وتتأثر بعدة عوامل ومنها: «الوظيفة التوزيعية – الاختيار – للمنتج والمستهلك وتحديد خيارهما …الخ», وللأسعار عدة أنواع منها: «سعر توازني و احتكاري وتنافسي وسوقي ومدعوم وحر .. الخ»، ومهما اختلفت أنواع الأسعار الحالية لكنها تبقى متذبذبة حول القيمة المتشكلة سابقاً صعوداً وهبوطاً، ويبقى موضوع العلاقة بين السعر والقيمة من أكثر القضايا الاقتصادية إشكالية, علماً أنه بحث به كبار علماء الاقتصاد مثل: (آدم سميث و دافيد ريكاردو وكارل ماركس وغيرهم)، وقد أكد آدم سميث في نظرية القيمة فقط بقيمة العمل المطلوب لإنتاج سلعة ما، وحالياً فإن الأسعار في السوق السورية مرتفعة للكثير من السلع , علماً أن قيمتها لم تتغير ، وهذا عائد إلى عدم انتظامية انسياب السلع إلى السوق بسبب زيادة الطلب على العرض، وهذا ناجم عن عاملين هما العامل الموضوعي بسبب تدمير مواقع الإنتاج السورية وتراجعها من جراء الأعمال التخريبية للعصابات الإجرامية وتداعيات الإرهاب الاقتصادي من حصار وعقوبات، وعامل ذاتي بسبب الاحتكار والغش والتدليس لبعض القوى الاقتصادية التي تسعى للربح الكبير على حساب المستهلك وينقصها الكثير من الإحساس الوطني, وتجسد هذا مؤخراً بدعوة بعض الاقتصاديين السوريين الخونة للقوى الليبرالية الحديثة بتشديد الإرهاب الاقتصادي على أمنا سورية وتوجيه الضربات لاقتصادنا، وهؤلاء كأي سلعة سينخفض سعرهم قريباً وتبقى قيمتهم في أدنى المستويات لأنه لا قيمة لهم، والمستقبل سيحكم على ذلك .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار