بدأ جو بايدن الخروج عن الهدوء الذي سلكه أثناء حملته الانتخابية؛ وباشر التقليد الأميركي بتهديد يشبه تهديدات الزعران (لن تقف أميركا مكتوفة الأيدي) تجاه عمليات القرصنة، التي تتجسس على الوكالات والمؤسسات الأميركية؛ فهل يريد بايدن بتهديده، إطلاق حربه على روسيا والصين، وكل من يمكن إلباسه تهمة القرصنة السيبرانية، التي تسمع أصداء الولولة حولها في أرجاء الولايات المتحدة سياسياً وأمنياً وعسكرياً وإعلامياً..
قبل كل شيء لا أحد يستطيع التأكد من حصول هذه القرصنة، ولا يمكننا أن نتوثق إن كان الأمر “حقيقياً”، أم إنه ذريعة يجري إطلاقها، والولولة حولها لتعميق الاستعداء الأميركي لروسيا، خاصة أن الوكالات الأمنية الأميركية “الجبارة” لم تصل حتى الآن إلى حصر الأضرار التي تسببت بها هذه القرصنة المولول حولها، ولم يعرفوا ما هي المعلومات والبيانات التي قرصنت. فهل يمكن أن تطلق مؤسسات أمنية “جبارة” كل هذه الولولة، وهي لم تتأكد بعد من الأضرار أو المقرصنات -حسب قولها هي- حتى الآن ليس هناك إلا “الولولة”، و”كحّلها” بايدن بتهديده، أنه “لن يقف مكتوف الأيدي”.. يا سيدي فليقف مسبل اليدين، أو ليضعهما خلف ظهره، على راحته!
الإعلام الأميركي يتهم روسيا كما هو متوقع، ومن يستحي من هذا الإعلام، أتهم مجموعة روسية خاصة سماها “الدب الدافئ”؛ وأورد في الحكاية، أن هذه المجموعة “اخترقت برنامج للحماية السيبرانية الأميركية، وعبره أرسلت فيروساتها لقرصنة الوكالات حتى وصلت إلى وكالة الأمن النووي”. يعني وصلت إلى أخطر مكان، وحسب هذه الرواية الأميركية، فإن “الدب الدافئ” جاء إلى مركز الحماية السيبرانية الأميركية، واستخدمه بتحويله إلى منفذ يستطيع من خلاله أعداء أميركا استهدافها و الإضرار بها.. إذا صدقت هذه الرواية، فإن “الدب الدافئ” كمجموعة خاصة، “بهدلت” الهيبة السيبرانية الأميركية، وعليه فإن الولولة الأميركية يجب أن تنوح على هذه الهيبة، التي إذا ما تدفأ “الدب الروسي” قليلاً، وعبر مجموعة خاصة، حتى شرشحها بقرصنة مؤلمة. حسب الرواية الأميركية المزعومة.
الأحلى أن وزير الخارجية مايك بومبيو زعم في لقاء تلفزيوني يوم الجمعة الماضي أنه “من الواضح أن روسيا هي من تقف وراء هذه الهجمات السيبرانية”. ولكن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب “غرد” السبت حول أخبار الهجوم السيبراني ومدى الأضرار التي تسبب بها مؤكداً (أنها أخبار كاذبة وملفقة). الرئيس يقول إنها أخبار كاذبة وهو أعلى سلطة في هذه الإدارة التي تولول على أخبار كاذبة.
في ساحة الولولة الإعلامية، أصيب بعض الكتاب بهستيريا جعلته يكشف الجوهر الشيطاني للسياسة الأميركية، حيث تباهى هؤلاء، بأنه إن كانت القرصنة الروسية “تحاول سرقة بيانات” كما يزعمون. فإن القرصنة الأميركية، تسرق العلوم، وتزور البيانات، وتشعل الحرائق، وتفجر المواقع، وتعطل الحياة وتقتلها، كما فعلت في إيران و غيرها.. إنه الاعتراف بالعدوان الهمجي الأمريكي الذي يستكمل الغزو والاحتلال، بالاعتداءات السيبرانية..
ترى، هل باشر بايدن بممارسة السياسة الأميركية الحقيقية؟ وهل بدأ باستبدال هتافات الانتخابات، بولولة القرصنة السيبرانية. تمهيداً للعدوان على دول أخرى تواجه الغطرسة الأميركية وترفض سيطرتها وهيمنتها على العالم وشعوبه؟..