-/الجيل الشاب، غير معني باقتناء ما تنتجه دور النشر !!/. الجيل الشاب بعيد عن هاجس الحوار الذي كانت أجيال “الثمانينيات من القرن الماضي” تسعى لامتلاكه عن طريق القراءة، أو بالمثابرة على اتباع خط سير النشاطات الثقافية التي كانت تعج بها الصالات الثقافية !!/. الجيل الشاب لا يقرأ !!./ الجيل الشاب مستهتر بدور الثقافة في الحفاظ على الهوية !!/ . الجيل الشاب … !! / .. الجيل الشاب ..!!/ إلخ من فيض الاتهامات التي توجه إلى الأجيال الشابة من قبل “عجائز الميديا الثقافية السابقة” في جلساتهم الرسمية، والشعبية على حدٍّ سواء، من دون البحث الجاد عن المسببات والأسباب التي أودت بالأجيال الشابة للبحث عن النجاة- في عالم بات يأكل ذاته دون رحمة- من خلال سلوكهم لهذا الطريق المخالف تماماً لمسيرة الارتقاء بالقيم الثقافية عن طريق القراءة، والنقد، والحوار مع المنتج المكتوب الذي لن تبخل سطوره يوماً بتقديم الإنسان كغاية أساسية له، مع مراعاة الاختلاف بالطروحات، تلك الاختلافات المنهجية، والأسلوبية، والتي لم تبخل أيضاً بأن تكون العامل الأساسي في تطور الرؤى الفكرية الجمالية منها والحقوقية أيضاً لذات الغاية المُثلى التي سعت إليها مسيرة الارتقاء بالجنس البشري عبر تاريخه المحكوم بالكلمة!!..
– بداية لست ممن هم على يقين بأن الأجيال الشابة هي بموقع الاتهام المشار إليه، فالإيمان بأن لكلّ جيل أدواته المعتمدة لاكتساب الثقافة، ومن ثم إنتاج ثقافة جديدة تخصه بالذات، وسيادتها كمعبّر حقيقي عن طموحة، ورؤيته للأشياء المحيطة به، لهي بحدّ ذاتها ميزة إيجابية لن تمنحه البراءة مما ينسب إليه من دور سلبي في عملية التكون الثقافي فحسب، وإنما تمنحه الأحقية، و الريادة في بناء مستقبل ثقافي آمن من كلّ الشوائب القهرية التي أبعدت المدونة الثقافية عن لعب دورها الحقيقي في السابق تحت أي مصطلح، أو مسمى كان.. لا بل إنه وبمراجعة نقدية معاصرة، نستطيع نقل الإدانة إلى جهة الادعاء، تلك الجهة التي نصّبت نفسها وصية، وحاكماً عرفياً على الجيل الشاب، لتداري -بالدرجة الأولى- عجزها عن مواكبة الثقافة المعاصرة، ولتبعد ثانياً أصابع الاتهام بالفشل الذريع الذي مُنيت به مشاريعها المحورية التي كانت تدور حول الأصالة والحداثة، والتي لم تنتج حالة من الاغتراب بين دور الثقافة والجمهور في حينها فحسب، وإنما امتدت لتساهم بغربة قاتلة بينها وبين الأجيال الشابة، لتغدوا واقعاً أليماً سوف نتعرف عليه عند أي زيارة لمنبر يعتليه شيخ من شيوخ الثقافة في القرن المنصرم، بينما يخلو فضاء القاعة من الجيل الشاب حضوراً وحواراً، ومشاركة، يستثنى من هذا الغياب أقلية قليلة تداري اغترابها بالحضور منعاً لتفاقم الموت السريري في دور الثقافة، والتي استباحت مكوناته، وطموحاته سنوات الحرب الطويلة دون رحمة ..