“صراع الديوك” !

بلغت الخلافات بين رئيس النظام التركي رجب أردوغان ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون مستويات حادة وغير مسبوقة، وفضلاً عن تبادل العبارات المهينة وغير المألوفة بين رئيسين فقد طالب أردوغان مؤخراً الفرنسيين بالتخلص من رئيسهم ماكرون وأنه غدا عبئاً على فرنسا، ومن جهته ساكن الإليزيه واصل هجومه على خصمه ووجه التهديدات باسم الاتحاد الأوروبي وتوعده بفرض أقصى العقوبات على تركيا وأردوغان على خلفية توسع الأطماع التركية في عرض البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى الثروات الليبية ووضع اليد على النفط والغاز الليبيين.

لم يصل “صراع الديوك” بين الرئيسين الفرنسي والتركي إلى حد الاصطدام العسكري إلا أنه غير مستبعد في ظل عدم وجود مؤشرات على تراجع أحد الطرفين عن مواقفه، بل إن أردوغان ركب رأسه وواصل لهجته التصعيدية واستفزازاته بإرسال سفنه للتنقيب غير القانوني عن النفط والغاز قبالة الشواطئ اليونانية والقبرصية في الوقت الذي زاد من تدخلاته السافرة في الشأن الليبي بإرسال شحنات السلاح والمرتزقة إلى ليبيا لتأجيج الصراع وتثبيت أقدامه هناك.

يبدو أن الغرور المتزايد والشعور “بفائض القوة” قد حمل أردوغان على تحدي الاتحاد الأوروبي بكل دوله وليس فرنسا فقط إضافة إلى فتح جبهات نزاع وصراع عديدة مع مختلف دول المنطقة وصولاً إلى التدخل المباشر في الصراع الأرميني- الأذربيجاني حول ناغورني قره باغ، ويتساءل الكثيرون عن السر الكامن وراء هذه “العنتريات” الأردوغانية التي يوزعها ذات اليمين وذات الشمال، لنجد أنه فعلاً أجاد اللعب على وتر التناقض بين القوتين العظميين روسيا وأمريكا، مستغلاً وجوده كثاني قوة عسكرية في حلف شمال الأطلسي ووجود تركيا في موقع جيوسياسي متفرد بين الغرب والشرق، في الوقت الذي يتلقى دعماً من إدارة ترامب ولو في الخفاء أكثر الأحيان لتنفيذ سياسته العدائية تجاه الجميع وليس لدى البيت الأبيض من مانع من ممارسته لغة الضغوط والتهديد والوعيد لفرنسا وأوروبا بوجه عام انطلاقاً من ازدواجية السياسة والمعايير التي تتبعها واشنطن حتى مع أقرب حلفائها.

بقي أن نقول إن سياسة العربدة والغطرسة لدى حاكم أنقرة لن تبقى مفتوحة إلى ما لانهاية، فقد طفح الكيل عند الجميع، وربما تكون سنوات التبجح والتمادي التي عاشها رئس النظام التركي قد اقتربت من نهايتها إذا ما قام الرئيس المنتخب جو بايدن بالعودة إلى حلفائه الأوربيين وعملا معاً على وضع حد لأطماع أردوغان وسياساته العدوانية الخطيرة.

tu.saqr@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار