بين الخصخصة والتشاركية
تشرين- الدكتور إيهاب ابو الشامات:
كثيراً ما يُحكى عن مفهومي الخصخصة والتشاركية بين القطاعين العام والخاص.
البعض يعتبر أنّ الثانية انعكاس للأولى وإن جاءت بعبارة أكثر تلطيفاً. البعض الآخر يُصر على أنّ الفارق بين المفهومين كبير، رغم إنّ الحد الفاصل بينهما شعرة، كما يُقال.
وحيث إن الواقع الاقتصادي الدولي الحالي أثبت أنه من أسس التنمية المستدامة للدول هو تفعيل دور التشاركية بين القطاعين العام والخاص، فكان لابد للمشرع الاقتصادي في سورية من أن يحدد موقفه من هذا الموضوع.
وقد حسم المشرع السوري توجه عبر إصداره القانون رقم /٥/ لعام ٢٠١٦ ممهداً من خلاله لولادة الجيل الثالث من أجيال الاقتصاد السوريّ وهو جيل التشاركية الوطنية الفعالة بعد أن أصبحت ضرورة تاريخية فرضتها أطر التطوّر من الجيل الأوّل، جيل القطاع العامّ وما رافقه من مزايا وصعوبات، إلى الجيل الثاني، جيل اقتصاد السوق الاجتماعيّ، إلى الجيل الثالث كامتدادٍ طبيعيٍّ للأجيال السابقة وكحاجةٍ إراديةٍ وواعيةٍ لإدارة المعادلة الأزلية بين الموارد المحدودة والحاجات اللامحدودة، مع المحافظة على القطاع العامّ كقطاع رائدٍ واستراتيجيٍّ في المسيرة التنموية.
وأعتقد أن شهادة الميلاد لهذه المرحلة جاءت واضحة في البيان الوزاري لحكومة رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد الجلالي حيت أتى على ذكر التشاركية بين القطاعين، داعياً الى تسريع العمل بهذا النهج في مشاريع البنى التحتية لاستقطاب الأموال. تماماً كما حثّ على تعزيز الشراكة في بعض الملفات كالطاقة والبنى التحتية، الأمر الذي أثار جدلية حول هذا الموضوع، إذ اعتبر البعض أنّ الحكومة ستعمل على خصخصة قطاعاتها وبيع ممتلكاتها تحت مسمى التشاركية. فيما أكد أكثر من مصدر داخل الحكومة لدى سؤاله عما أدرج في البيان الوزاري على أن هناك فارقاً بين الخصخصة والتشاركية ولا يمكن الحديث عن الخصخصة بالطريقة نفسها التي نتحدث فيها عن التشاركية.
-فما الفارق بين الخصخصة والتشاركية؟ وفي أي إطار يمكن وضع خطوات حكومة الجلالي ؟
يجري التمييز بين الخصخصة والتشاركية عموماً انطلاقاً من القوانين المشرعه لها وتعليماتها التنفيذية فإذا كانت الدولة تعمد على التخلي كلياً أو جزئياً عن أصولها لصالح القطاع الخاص وبشكل نهائي عبر البيع، بمعنى تصبح الملكية بيد القطاع الخاص مقابل عائد مالي نكون أمام الخصخصة. أما في الحالة التي ينظم فيها المشرع العلاقة التعاقدية بين جهة عامة وشريك من القطاع الخاص يتعهّد بموجبه الأخير بالقيام بمسؤولياته لجهة الاستثمار في البناء والإدارة والتشغيل والصيانة والتطوير وغيرها من الخدمات التي يجري الاتفاق عليها مع الدولة كإنشاء البنى التحتية نكون أمام حالة التشاركية .
وعليه يجب العودة لمواد القوانين الناظمة وتعليماتها التنفيذية التي ستصدر من حكومة، والتي تعتبر هي الشعره الفاصلة لهذه المرحلة لكي نستطيع أن نحكم عليها، هل نحن نتجه نحو الخصخصة أم نحن نتجه إلى التشاركية.
وأخيراً لابد من الإشارة إلى أننا على ثقة مطلقة بأن الدكتور محمد الجلالي رئيس مجلس الوزراء سيكون العراب لهذه المرحلة لما يملكه من خبرة أكاديمية وعملية في إنشاء الشراكات الناجحة مع القطاع الخاص .
المدير التنفيذي للمجلس الدولي للتعليم المهني – ليون / فرنسا