يأخذ التوجه الجديد للحكومة، طابع الجدية في معالجة المشكلات القطاعية، وخاصة حوامل الاقتصاد الوطني، “خلافاً للتوجهات السابقة” ضمن تركيبة واحدة تأخذ في حساباتها، كلية المعالجة والوصول لنتائج تعكس إيجابيتها على عموم الواقع الاقتصادي والاجتماعي السوري، إلى جانب القطاعات الأخرى المرتبطة بعمل الحكومة..
ولا ننفي جدية الحكومات السابقة في معالجة بعض المشكلات، لكن حالة البطء الشديد هي السمة البارزة في كل المعالجات، لظروف وأسباب تارة من فعل يدها، وأخرى مرتبطة بالظروف الصعبة، والأهم تجاهلها في معالجة مشكلات أهم القطاعات الداعمة للاقتصاد الوطني، ومكون رئيسي في التركيبة الاقتصادية الوطنية، ألا وهو “المكون الصناعي” الذي مازال حتى تاريخه يعاني من واقع صعب عمره عشرات السنين، ويحمل الكثير من إشارات الاستفهام والتعجب، حول طرق المعالجة وأشكالها التي فقدت مصداقيتها خلال الترجمة على أرض الواقع..!
واليوم التوجه الجديد للحكومة يأتي ضمن إطار جديد يحمل الكثير من مقومات الجدية، لكن أسباب نجاحها مرتبطة بجدية أكبر، هي مقياس أي نجاح، أو تطور في باقي القطاعات، وهذا يكمن في تطوير الإنتاجية الوطنية، وخاصة الإنتاج الصناعي، لما يقدمه من حالة اقتصادية متوازنة داعمة على امتداد عقود مضت، رغم ما تعرضت له من ويلات وصعوبات، لم يرقَ الاهتمام الحكومي في الحل إلى مستوى أهميتها من جهة، وخطورة استمرارها من جهة أخرى..!
الأمر الذي يؤكد أن الحلول السابقة “للحكومات المتعاقبة” – وهذا يؤكد أن الواقع يشير – إلى أن حلولها لم تعطِ القطاع الصناعي الرعاية الكاملة, والاهتمام المطلوب لجهة التطور التكنولوجي والعلمي, وتأهيل العمالة بما يمكنها مجاراة كل تطور يحصل في تقنيات التصنيع والإنتاج في مختلف جوانبه..
وبالتالي هذا الواقع فرض على الحكومة الحالية جدية أكبر في المعالجة، ضمن سلسلة من التوجهات اعتمدتها لتحصين قوة الإنتاج الوطني، واستدارة جديدة تحمل مفردات، أطلقتها في اتجاهات مختلفة، منها الخدمي، والصناعي والزراعي، جميعها مرتبطة بدعم حوامل الاقتصاد الوطني، والتفكير جدياً بتطوير الإنتاجية الوطنية، وخاصة الزراعية والصناعية، لكن التركيز في هذه الفترة على الإنتاج الصناعي من خلال رؤية وضعتها وزارة الصناعة للخروج من هذا الواقع، الذي يشكل معضلة كبيرة سببها الرئيسي تداعيات الأزمة الحالية وحالة الحصار التي قيدت تطوير المنتج الصناعي وخاصة العام منه، إلى حد بعيد، وبالتالي للخروج من ذلك ينبغي العمل على إعادة النظر بنشاط بعض الشركات الإنتاجية المتضرر منها بفعل الإرهاب, والتفكير بتغيير نشاطها بما يحقق الجدوى الاقتصادية المطلوبة, ومنها قائم يحتاج لمزيد من الدعم، إلى جانب الحفاظ على العمالة والخبرات المتوافرة, مع الإبقاء على النشاطات المتوازنة والموجودة سلفاً, والتي تؤمن تشغيل العمالة, واستقطاب الوافد منها , إلى جانب توفير السلع المطلوبة للسوق المحلية بالدرجة الأولى, وهذه تندرج ضمن المهمة الاجتماعية لعمل الحكومة والجهات التابعة…
وبالتالي كل ذلك يتحقق بمجموعة إجراءات، تتضمن برامج تأهيل للشركات الإنتاجية, وأخرى داعمة لزيادة الريعية الاقتصادية للشركات الفاعلة, مع تحديد الأهداف الواجب تحقيقها, إلى جانب تعميق إجراءات الإصلاح التي تؤدي إلى استقلالية القطاع الصناعي، والتحكم في مؤشرات أدائه, والعمل على زيادة الإنتاجية وترشيد الإنفاق، ومعالجة مواقع الخلل والفساد, واستثمار الكفاءات المتوافرة، والأهم إعادة النظر بآلية انتقاء الإدارات واختيار الكفاءات النزيهة، وفق أسس علمية صحيحة، يبنى عليها إيجاد حلول لمعضلات مازالت عالقة حتى تاريخه، في مقدمتها التشابكات المالية، والأصول الثابتة والمتداولة للشركات، وطريقة إيجاد الحلول المعقولة لها، والأهم من ذلك كله إعادة تقييم صحيحة، لمشروع دمج المؤسسات والشركات الصناعية، تعتمد مؤشرات الأداء الإداري والإنتاجي والعائد الاقتصادي، بما يضمن الوصول إلى قرارات تعزز من شمولية القرار على باقي القطاعات..
وبهذه الصورة يمكن تحقيق المزيد من صور تفوق الإنتاجي الصناعي في ميدان الاقتصاد الوطني..
Issa.asmy68@gmail.com