لِمُحدَثي الشعر

من المعروف أنّ القصيدة تنقسم من حيث الشكل إلى ثلاثة أنواع: العمودية وهي التي تتبع نظام الشطرين في البيت الواحد، وتلتزم القافية الواحدة في نهاية كل شطر (عجز)، والنوع الثاني (التفعيلة) استبدلت بالأشطر المقاطع، وهي موزونة أيضاً ولكن ليس من الضروري الالتزام بقافية إلّا حين يرى الشاعر أنها في مكانها تماماً، والنوع الثالث ما اصطُلح عليه قصيدة النثر أو الشعر الحر، وقد انفلتت أو تحررت من الوزن والقافية..
ومن خلال هذه المصطلحات المتعارف عليها يمكننا توصيف الناشئة ممن يحاولون السير على هذا الطريق، الصعب والطويل سلّمه،، إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه فبعض الذين يكتبون من النماذج السابقة يكتبون على غير هدى وعن غير سابق إلمام فيما يكتبون، فمنهم من يكتب العمودي من دون أن يلمَّ بأبسط قواعد بحور الشعر، ومنهم من يكتب التفعيلة من دون أن يكون على دراية بوزنها، وأنّى وكيف ومتى يطول المقطع التفعيلي أو ينتهي؟
وأمّا جلَّ من يكتبون قصيدة النثر فإنهم يكتبونها لمجرّد كونها متحررة من الوزن والقافية مستسهلين ذلك التحرر، وهنا مقتل الشعرية وهاويتها..
ألا تعتقدون معي أيها الأصدقاء أنَّ من لا يجيد كتابة الموزون المقفّى لا يجوز له كتابة التفعيلة، ومن لا يجيد كتابة العمودي أولاً ومن ثمّ التفعيلة لا يجوز له كتابة الشعر الحر، ودعونا نلخّص لنخلص إلى القول الفصل في هذه القضية شديدة الخطورة والدقة والأهمية لنقول: إنَّ من لا يستطيع كتابة الأنواع الثلاثة من أشكال القصيدة لا يحقُّ له أن يختارَ نوعاً واحداً ويكتب فيه،، أمّا من اشتملت نعمياتُ ملكاته على الأنواع الثلاثة من أشكال القصيدة فيحقُّ له الكتابة بالشكل الذي يريد ويختار، والسبب ببساطة هو أنه يكون قد ارتقى والحالة هذه إلى مرتبة (الشاعر)، والشعرُ في المراتب ليس مجرّد قوافٍ ولا مجرّد عواطف نسفحُها على الورق أو السطح الالكتروني كيفما اتفق، الشعر إحساس ومعنى ولغة وصور وموسيقا ولعلَّ أجمله – لا أكذبهُ- بل أصدقهُ على رأي الشاعر العربي:
وإنَّ أجملَ شعرٍ أنت قائلهُ ،، شعرٌ يُقالُ – إذا ما قلتهُ -: صدقا

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار