الرقص مع الذئاب!

فيلم سهرة الخميس، أو الفيلم العربي، والذي كان غالباً مصرياً، وتصر على عرضه في بثها اليومي الأخير؛ الكثير من القنوات التلفزيونية ما قبل الفضائيات، ومنها قناة (التلفزيون العربي السوري)؛ كان من أهم معالمه الراقصة، وقلما كان يُنتج فيلم ليس من شخصياته الرئيسة الراقصة، وتحديداً الراقصة الشرقية، وحينها تألقت إلى مصاف النجوم الكثيرات من الراقصات في العالم العربي ولاسيما في مصر ولبنان، بل إن بعض النجمات – الممثلات كثيراً ما خضن هنّ أيضاً مساحة هامة في الفيلم رقصاً إلى جانب التمثيل، حتى بتنا منافسات للراقصات في استعراض الجسد، وشحن الحالة الدرامية السينمائية، وقد تساوقت الراقصات والممثلات جنباً إلى جنب في مساحة الرقص في الفيلم العربي، فكانت الراقصات: (تحية كاريوكا، ساميا جمال، فيفي عبده، نجوى فؤاد).. وغيرهن، بشهرة الممثلة – النجمة إن لم تفوقها، والكثيرات منهنّ امتهنّ التمثيل الصرف فيما بعد، بعد أن اتجهت السينما إلى حالة أخرى في مسيرتها الدرامية التي لم تعد الراقصة إحدى كوادرها، وهنّ اللواتي كنا قبل قليل في مصاف، وجنباً إلى جنب مع: نبيلة عبيد، سُهير رمزي، ناديا الجندي، ليلى علوي، وإلهام شاهين، و.. غيرهن، والأخريات شغلن حيزاً مُهمّاً في مساحة الفيلم الراقصة، سواء كان جاء ذلك موظفاً في الفيلم، أو استعراضاً جسدياً، وهنا نذكر أنه من النادر أن يُنتج فيلم هندي ليست فيه مساحة واسعة من مشاهد الرقص.. وفي الغرب أنتج الكثير من الأفلام الغنائية، أي التي يقوم الحوار فيها على الغناء وحركات الجسد، وهو ما يشغل خلاله مساحة رقص واسعة
والرقص كان من شواغل الكثير من الفنون، وليس السينما وحدها، ففي المسرح الكثير من (الاحتفالية) التي شغلتها بالرقص، حتى أنتجت فنون مسرحية عمادها الجسد، كالمسرح التعبيري الذي يعتمد الرقص الخالص على سبيل المثال، وهناك المسرح الإيمائي الذي لا حوار فيه سوى إبداع الجسد، وثمة نوع ثالث؛ هو (الميوزكال)، أي المسرح الغنائي المُفعم بالغناء والموسيقا، والرقص
لكن في هذه السيرة السينمائية الراقصة أريد أن أشير إلى أربعة أفلام من أزمنة مختلفة، ومن جهات إنتاج مُختلفة، وكذلك لفنانين مختلفين تماماً؛ لكن ما يجمع بينهم؛ هو رقصة خاصة جداً، رقصة تأتي من القاع العميق للإحباط وقلة الحيلة واليأس، رقصة دافعها القهر الذي يقع خلفه كل التحديات الإنسانية، وهنا من يقوم بالرقص ليس نساء، وليس الغاية منه استعراضاً جسدياً، بل مقولته تأتي موجزة تقول: إني وحدي وحيد أتحدى كل هذه المصائر، حتى ولو كانت على مبدأ (الطير يرقصُ مذبوحاً من الألم) تلك الرقصة التي أداها أنطوني كوين في فيلم (زوربا)، وأداها كيفن كوستنر في فيلم (الرقص مع الذئاب)، وأداها أيضاً دريد لحام في فيلم (الحدود)، ومؤخراً أداها لُجين إسماعيل في فيلم (رد القضاء)..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار